ماذا عساني أن أقول وما عساني أن أكتب بعد أن أسلمت والدتي الروح إلى باريها. هل لأني الوحيد الذي يفتقد والدته أم لعظم مكانة والدتي في نفسي. الأم، لا يمكن ان تنطبق الشفتين الا بكلمة الأم هذه الأم التي خُصت بأن الجنة تحت أقدامها هذه الأم التي قال عنها سيد البشرية (أمك ثم أمك ثم أمك ثم ابوك). ما عساني أن أقول بعد ما فقدت أمي هل من الممكن أن تعوضني الزوجة أو الأولاد مكان والدتي. هل العالم يكفيني عن لمسة حنان من أصابع والدتي. هل الكون بأكملة يغنيني عن مرضاة واحدة من مرضاة والدتي. حتى الشعراء انشدوا للأم (الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراف). جلست إلى جوار والدي وحبيبي وهو يتذكر ويتأمل سنين عشرته مع رفيقة دربه ويقول إن مدة عشرتي مع والدتك اثنان وثمانون عاما وأربعة أشهر. تزوجتها وهي تبلغ من العمر الثالثة عشر وعندما دخلت منزل والدي أعني بذلك جدي لوالدي وكان من أكبر البيوت في ذلك الوقت، فقامت بالمنزل خير قيام كانت تصحو من النوم في الأذان الأول من الفجر وتبدأ بأعمال المنزل حتى المساء قال عنها جدي من قال أن اسمك نورة؟ أنت (السنافية) ومنذ ذلك الوقت ووالدتي يُطلق عليها (السنافية) أي المرأة الحميمة الشهمة التي تعتني بأمور منزلها بكامله وتكرم ضيوف زوجها وأقاربها. يستطرد والدي حديث الذكريات عن والدتي ودموعه تنهمر بدون توقف ويقول لم يسبق في حياتها أن أزعلت أو أغضبت أحدا أو تحدثت عن أحد وحينما أتيتم إلى الدنيا أصبح همها أنتم ورعايتكم. والدتي وحبيبتي ماذا عساني أن أفعل بعد فراقك؟ وكيف لي أن أنسى أدعيتك لنا؟ وكيف لي أن أنسى ابتسامتك في وجوهنا؟ وكيف لي أن أنسى همومك خصوصا عندما تقترب امتحانات نهاية السنة وكأنك أنت من تأدين الامتحان وأنت من تنتظرين نتائج امتحاناتنا. حبيبتي فراقك صعب والحنين إليك أصعب حينما أنظر إلى والدي وهو ينظر إلى مكانها وتجهظ عيناه بالبكاء وهو يرى مكان حبيبته ورفيقة دربه خاليا أقول في نفسي: يحق لك أن تحزن وأن تذرف الدمع غزيرا وأنت الآن وقد فقدت حبيبتك وأنيستك ورفيقة دربك. وأنا دموعي لن تنشف وقلمي لن يتوقف بالكتابة عنك ولساني لن يتوقف عن الدعاء لك، لن نقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. عليك رحمة من ربي ورضوان العزيز الحكيم.