بادئ ذي بدء لا بد من الإشارة والإشادة باللفتة الأخوية والوفاء والجميل المعهود من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - حينما أصدر توجيهه الكريم بتحويل مسمى جامعة سلمان بن عبدالعزيز بالخرج إلى جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز - رحمه الله، وهو وفاء غير مستغرب منه - رعاه الله - لرجل خدم دينه ومليكه ووطنه بضعة عقود، وخاصة في مدينة الرياض إبان عمله عضيداً لأخيه سلمان بن عبدالعزيز في إمارة منطقة الرياض. كانت هذه مقدمة للحديث عن مثال حي لوفاء سلمان بن عبدالعزيز، وإننا إذ نقدم مقترحاً جديداً وهو إنشاء (جامعة الملك سلمان بن عبدالعزيز الإسلامية العالمية)، هو أمنية للكثير من أبناء المسلمين، وقد طرح الأستاذ عبدالحميد بن صالح العُمري في تغريدة له عبر «تويتر» فكرة مشروع جامعة الملك سلمان للطلبة من المسلمين المنتخبين لدراسة العلوم الشرعية والتقنية والعلمية كافة، وقال: مع مرور الزمن وتخرج الدفعات سيمثلون قوة في بلادهم تدعم توجهات المملكة وتدافع عنها خاصة أن بعضهم سيشغل مناصباً في بلاده. ومع تأييدي لهذا المقترح والحاجة إليه، إلا أنني أرى أن الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ثم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة أم القرى وبقية الجامعات السعودية تقوم بهذا الدور، وقد لوحظ تزايد أعداد طلاب المنح في السنوات الأخيرة، وأرى أنه من المناسب أن تكون هذه الجامعة العالمية خارج المملكة وليس داخلها، ويكون لها فروع عديدة في الخارج، وتدمج فيها جميع المعاهد والكليات الإسلامية في الخارج، ولا تقتصر على التعليم الشرعي فحسب بل تلبي الاحتياجات العلمية والمهنية لدى بلدان العالم الإسلامي والأقليات المسلمة. إن تطبيق هذا المقترح يتفق مع ثلاثة أمور رئيسة أولها: أن المملكة العربية السعودية قبلة العالم الإسلامي ومهوى أفئدة المسلمين والرائدة الدائمة للتضامن الإسلامي والعمل الإسلامي. ومن الشواهد الحية على ذلك احتضانها للعديد من المؤسسات الإسلامية كمنظمة التعاون الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية، ورابطة العالم الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وغيرهم الكثير إلى جانب الرعاية والدعم للمؤسسات والجمعيات والمراكز الإسلامية في الخارج. الأمر الثاني: شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ورعايته الدائمة للعمل الخيري والاجتماعي، وإسهامه الكبير في الإشراف على العديد من اللجان الشعبية السعودية لإغاثة الأشقاء والأصدقاء في الملمّات والنكبات والمساهمة في تقديم الإغاثة والنجدة والمعونة، واهتمامه المعهود بالتعليم والثقافة. والأمر الثالث والأخير: حاجة العالم الإسلامي إلى التعليم العالي وإلى العلم الشرعي الوسطي السلفي في العديد من البلدان مع قلّة ذات اليد وضعف الإمكانات مما حدا بالدخلاء وأصحاب الأفكار الضالة والمنحرفة باستغلال ذلك باستقطاب طلاب المنح وفتح فروع للجامعات في بلدان العالم الإسلامي مستغلّين الحاجة ومتسترين ومتدلسين بأثواب زاهية برّاقة وهي تحمل داخلها سماً زعافاً. إن النقاط الرئيسة الثلاثة عوامل مهمة تحمل العناصر والدوافع الكبيرة للمشروع، والمتوقع له - بإذن الله - النجاح والتوفيق، وهو امتداد لأيادي الخير والعطاء من هذا البلد المبارك المملكة العربية السعودية، ولدينا أساس كبير يتمثل في مجموعة من المعاهد والكليات الخارجية والكراسي العلمية في الخارج التي ستكون نواة لهذا المشروع (الأمل) الذي يرتقبه العالم الإسلامي برمّته. ولعله من الأهمية بمكان أن تربط مثل هذه الجامعة الإسلامية العالمية برابطة العالم الإسلامي لتعدد مكاتبها ومناشطها في العالم أجمع، إضافة إلى أن أمينها العام الرجل الهمام معالي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي هو رئيس لرابطة الجامعات الإسلامية، ولا شك أن خبرات معاليه العلمية والعملية ستعطي رؤى وأفكاراً لقيام هذه الجامعة التي يتطلع لها أبناء الأمة في الخارج، وخاصة في بلدان الأقليات المسلمة وغيرها.