فما الناس إلا راحل بعد راحل فكل يوم نودع غادياً ورائحاً من آباء وأمهات وصديقات ومن لهم صلة رحم وقرابة بنا وداعاً أبدياً لا إياب بعده إلى الحياة الدنيا وهذه سنة الله في خلقه: وكل مسافر سيئوب يوماً إذا رزق السلامة والإيابا فغائب الموت لا يرجى له إياب..، فبالأمس القريب يوم الثلاثاء نهاية شهر ربيع الأول 29-3-1436ه تزامنت نهايته مع نهاية نصيب الابنة البارة هيا بنت الأستاذ الفاضل إبراهيم بن عبدالله القضيب من أيام الدنيا بعد معانات طويلة مع المرض - تغمدها المولى بواسع رحمته - وقد أديت عليها الصلاة بعد عصر يوم الثلاثاء 29-3-1436ه بالجامع الكبير بالحي الجديد بمحافظة حريملاء، وأمَّ المصلين عليها شقيقها الأستاذ الحبيب عبدالرحمن، وفي أثناء الصلاة تضاعف حزنه وهو يرى جثمانها أمامه فأبت دموع عينيه إلا انهمالا فلست بمالك عبرات عيني أبت بدموعها إلا انهمالا كان الله في عونه وعون أسرته..، وقد تبع نعشها خلق كثير إلى مثواها بمقبرة «صفية» مُجاورة قوم لاتزاور بينهم، ولك أيها القارئ الكريم أن تتصور حال أخواتها وزوجها وأبنائها وهم يحثون التراب على جدثها، وأعينهم تصب على ذاك الثرى وابلا من دموع حرّى..! حزناً ولوعة على غيابها وبعدها عن نواظرهم..، فما أقسى لحظات الوداع وأمرها وأوجعها على القلوب حينما يعودوا إلى منزلها، وقد خلا من شخصها: يعزّ علي حين أدير عيني أفتش في مكانك لا أراك ولقد ولدت وترعرعت بين أحضان والديها، وفرحنا بمولدها كل الفرح فهي باكورة شقيقتي منيرة والدة الأستاذ عبدالعزيز بن إبراهيم القضيب، واليوم حزنّا كثيراً على رحيلها عنا، وعن أبنائها وأخوتها وزوجها وأسرتها وهذا شأن الحياة الدنيا صفو ثم كدر.. ولقد طبعت - أم عبدالعزيز- على حسن الخلق ولين الجانب والعطف على الصغار، وعلى الضعفاء والأيتام..، محبوبة في محيطها الأسري والاجتماعي، وقد ربت أبناءها وبناتها تربية حسنة مما جعلهم يحوزون على الدرجات العليا في كثير من المراحل الدراسية بالاشتراك مع زوجها الأستاذ الكريم عبدالله بن عبدالرحمن العيسى، ولقد حزن الكثير على رحيلها لما تتصف به من أخلاق عالية، وسيرة حسنة، وقد بادرني عدد من المعزين في منزلي ومنزل أسرتها كما أن هاتفي لم يتوقف رنينه لمواساتي من خارج حريملاء رجالاً ونساءً في فقيدتنا الغالية: وأحسن الحالات حال أمرئ تطيب بعد الموت أخباره يفنى ويبقى ذكره بعده إذا خلت من شخصه داره فهي بارّة بوالديها عطوف على إخواتها وأخواتها، كما أن إخوتها الكبار لم يألوا جهداً بأخذ أسباب العافية لها أثناء مرضها الذي لازمها أكثر من ثمانية أشهر ينقلونها من مستشفى إلى آخر علَّهم يجدون علاجاً يكبح جماح المرض الذي سكن جسمها الطاهر ومكث طويلا حتى أعيت الأطباء الحيل في ذلك، فغادرت الحياة مأسوفا على رحيلها وبعدها عن منزلها، وعن أسرتها، كما لا ننسى أختها الأستاذة الوفية نورة التي ضحت بترك عملها الوظيفي شهوراً طوالاً لمرافقتها مدة مرضها وهذا لا يستغرب على مثلها فهو صلة رحم وعمل جميل، وعندما شكرتها على برها بمرافقتها وملازمتها أجابتني قائلة: أنا أتعبتها في طفولتي ولم أوفِ بحقها ابداً - جزاها المولى عني خير الجزاء- تغمد الله الفقيدة بواسع رحمته وألهم ذويها وإخوانها وأخواتها وزوجها، وأبنائها وبناتها الصبر والسلوان. قضيت حياة ملؤها البر والتقى فأنتِ بأجر المتقين جديرُ - خال الفقيدة: عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف