تاريخ سابقينا وطقوس حياتهم في الحب والغزل، في المدح والرثاء والوصف والحماس والهجاء، ترجمتها مفردات شعرية سلسلة تقطر شهداً إذا نطقناها، وتهتز الأذن طرباً إذا سمعناها... إلى أن غدونا نسابق الرياح والزمن في تطوير مفرداتنا الشعرية... اختلط على الكثير مفهوم الإحساس المتدفق الذي يجبر الوزن والقافية على الوقوف عليه بمن أجبرتهم القافية للوقوف بحشو كلام... في مفترق هذا الطريق نزح جيش من المفردات إلى قاموس وزن القصيدة تحت وطأة حصار الوزن والقافية وجردتها من المعنى الجميل لها، وحولتها إلى كلمات تشبه النعيق في الصحراء الجدباء. بعض القصائد الشعرية عندما تتذوقها كأنها قادمة إليك من عالم مجهول... لا تعرف ما المقصود منها ولا المقصود من كتابتها، ففي البيت الشعري مشاعر تتدفق ونختمها بمفردة مقيدة بالأسر ليس لها معنى وليس لها صلة بما نثرنا من شعور... اختزال معنى القصيدة في وزن يجبرنا له بدل أن نجبره نحن لما نكتب شلل للشعر.. فما الذي دفع بعض الشعراء من انتقاء مفردات لغوية صعبة وقذفها في مرمى الشعر، والمصيبة العظمى أن بعضهم لم يجد حبكة القصيدة، وفي الجهة الأخرى نجد شعراء مميزين كتبوا فأبدعوا في اختيار المفردات وأجبرونا على قراءتها بكل شغف.. ومنهم للأسف ليس هناك لديه رؤية وحكمة في قصائده. بل قتل رونق الشعر وحطم جوهره وخدش ألماسه وعلقه بين سماء الشاعر وذوق المتلقي... بخيط من القش تأرجحه عواصف الوزن والقافية... مما حولها إلى كلام أو سرد من الكلام محشي ينتظر المتلقي متى تنتهي هذه القصيدة. فالشعر كلما كان بسيطا في مفردته كان قريبا من القلب. هل المسألة هي مسألة تحدي؟ أم هي تقليد لمن نجح في اختياره للمفردة القوية وقفة: اللي سعد بالحظ والخير ومصيب شخصٍ عن الآثام نفسه عدلها يشيم نفسه عن هلا الذم والعيب ويحمي حياته من خبايث جهلها لا قال في هذا بحاضر ولا غيب