خمسون عاماً مضت ومحافظة بارق تبحث عن مستشفاها الذي دُوِّن ضمن قائمة مستشفيات المملكة عام 1385ه، وفُقد أو أُفقدَ في ردهات بيروقراطية وزارة الصحة. ورغم أن الوزارة لم تستطع أن تخفيه من سجلاتها لكنه اختفى من الواقع. ورغم محاولة عشرة وزراء للصحة منذ عام 1385ه حتى عام 1435ه، بداية من الدكتور يوسف الهاجري ونهاية بالدكتور عبد الله الربيعة، إلا أن المستشفى لم يرَ النور بعد، فيما يظل الأمل مرافقاً لسكان بارق الذين يعتصرهم الألم وهم يرون كل محافظة تتمتع بمستشفى، بينما هم فاقدون تلك السمة التنظيمية الخدمية الضرورية. أكملت بارق عامها الخمسين وهي ترفع راية المطالبة بحقها في إيجاد المستشفى، ولا تزال تعيش على الأمل. علماً بأن مستشفى بارق كان مع قائمة، منها (مستشفى الملك فيصل في الطائف، مستشفى جازان العام، مستشفى الملك فيصل في المدينة، مستشفى شهار ومستشفى أبها العام)، كلها أتت إلى الوجود إلا مستشفى بارق؛ ظل معتمداً ومنفذاً على الورق فقط! وطوال السنوات الماضية تكبّد أهالي بارق كل أنواع المشاق، ولم تحرّك الوفيات ولا ضحايا حوادث الطرق، التي نزفت حتى دُفنت في المقابر وهي لم تجد مَن يضمد جراحها ويجبر كسرها.. ورغم مطالبات أميرين لعسير (خالد الفيصل وفيصل بن خالد) بضرورة افتتاح مستشفى في بارق إلا أن تلك المطالبات تضيع في أدراج وزارة الصحة؛ فهي أطول مطالبة في عصر المملكة العربية السعودية. 100 ألف نسمة وأكثر ينتظرون تلك الوعود.. الطفل قبل الشيخ الذي حلم أن يرى ذلك المولود (مستشفى بارق). لم تعد حقائب سكان بارق تتسع لكثرة المخاطبات، وردود الصحة، ووعودها التي أصبحت مخدراً تعطيهم إياه كل عام، ولم تجدِ مع وزارة الصحة هيئة مكافحة الفساد، وهيئة الرقابة، وديوان المراقبة، وتلمسهم للمقام السامي، ولا مطالبات أمراء عسير السابقين والحاليين.. فكلها حُفظت في أدراج وزارة الصحة. لم تؤثر فيهم أرقام الوفيات من حوادث الطريق التي نزفت حتى ماتت، ولا حالات الأمراض المعدية، من السُّل، وإنفلونزا الطيور، ولا التهاب الكبد، وأمراض السرطان.. فكلها أرقام تحتفظ بها الصحة في سجلاتها. استمرت المطالبات يوماً بعد آخر، ولجأ البعض إلى إنشاء وسم في «تويتر»، يتطلعون من خلاله إلى أن يؤثر في وزارة الصحة. وها نحن نجدد مطالبتنا للوزير الجديد آل هيازع لإيجاد حل لمعاناة أكثر من نصف قرن. فهل يرى النور بعد سنوات الظلام السابقة؟ وهل سيتحقق الحلم الذي بات شبه مستحيل؟ كلنا أمل يا وزير الصحة بأن تجد لنا الحل، وتحقق لنا الحلم.