قضايا العنف الأسري بأِشكالها المختلفة سواء من الزوج أو الزوجة، من الأب، الأخ تعتبر من القضايا المسكوت عنها اجتماعيا ودائما يلجأ للتستر فيها أو مناقشتها على استحياء وحرص شديد وتكتم، وقد تظل الضحية ترضخ تحت العنف بجميع أشكاله لسنوات مع علم المحيطين بها الإ أنهم يكتفون بإنكار مايحدث بقلوبهم دون التدخل بشكل إيجابي في حلها فهل ثقافة الاستفادة من المختصين والمستشارين ولجان إصلاح ذات البين ثقافة غائبة وغيابها عامل رئيس في تكرر وجود حالات العنف الأسري من الأب أو الزوج أو الأخ! وهل هناك ضرورة للتنسيق بين الجهات ذات الصلة في حال وجود حالة عنف أسري! وهل الإصلاح مبدأ شرعي وأصيل وليس طارئا على المجتمعات العربية! وهل يعتبر العنف الأسري والتسلط ثقافة مجتمع عربي! وهل يعتبر البعض أن لتعليم المرأة ووعيها بحقوقها دوراً في رفضها لما يمارس ضدها من عنف وتمييز عنصري وما العقوبات التي تقع على المعنف زوجا أو أبا أو أخا. ومامدى جدوى إعلان هذه العقوبات كرادع للمعنف! وهل يعتبر المتخصون أن وجود العنف واستمراره ضد المرأة سببه المرأة نفسها! وما أهمية الإجراءات التي تتخذها الجهات المعنية بقضايا العنف للتحقق والتثبت من وجوده! وهل ساهم الإعلام في إظهار هذه الحالات وضخمها وهي لاتعدو كونها حالات فردية ولايمكن اعتبارها ظاهرة في مجتمع مسلم يقدر المرأة ويحترمها! وهل قانون الحماية المعمول به حاليا يفي بالغرض أم إنه بحاجه للتعديل. للإعلام دور في توعية المعنفة بكيفية الوصول للجهات المعنية وعن أسباب العنف الأسري أجاب مدير إدارة الصحة النفسية بعسير الدكتور محمد الأسمري أن غالبيتها ترجع لأمور عدة تقع تحت مسمى التفكك الأسري الناتج عن سلوك غير محمود من أحد الطرفين أو كلاهما وتغلب على معظم هذه الأسباب تعاطي المخدرات والخروج عن المألوف بين الزوجين في التعايش نتيجة للثورة في وسائل التواصل الاجتماعي واختلاف في المستوى الثقافي بينهما أحياناً. وأضاف الأسمري العنف ليس ظاهرة جديدة بل قديمة مستشهدا بالعصر الجاهلي الذي كان الرجل يئد فيه ابنته خوفاً من العار وتحرم فيه المرأة من حقوقها ولا تورث وقد جاء الإسلام فحفظ لها حقوقها، ولكن باختلاف الظروف وتغير الحضارات وتقدم التداخل الثقافي بين الحضارات بدأت تطفو على السطح مرة أخرى أشكال مختلفة من العنف الموجه ضد النساء والأطفال وتعددت أساليبه. وأكد الأسمري إن تطور التعليم وارتفاع معدل تعليم الفتيات له دور في مستوى ثقافة المرأة ومعرفتها بدورها الأسري والاجتماعي وبالتالي عدم تقبلها للممارسات التي تمارس كانت ضدها من تعنيف وتأنيب وكذلك التمييز في طريقة التعامل معها ونوه الأسمري بدور الإعلام في توعيتها بكيفية الوصول للجهات المعنية والمطالبة بحقوقها وحفظ كرامتها مما أدى لصدور العديد من التنظيمات لحماية المرأة والطفل من الإيذاء ووضح الأسمري العقوبات التي تقع على المعنف فقال (تقع العقوبة المقدرة على المعتدي من الجهات المختصة وفق ما يتضح في التقارير الطبية والحيثيات للقضية وتتعامل الجهات بحزم مع مثل هذه التجاوزات لحفظ كرامة الإنسان وصيانة النفس والعرض، وأشار الأسمري لضرورة الإعلان عن العقوبة التي تقع على المعنف لما في ذلك من دور وقائي لأفراد المجتمع. ذكورية المجتمع السبب الرئيسي في استمرار العنف وللضحيه دور في تقليل نسبة الجريمة وقال الأسمري إن الرجل في مجتمعنا تغلب لديه الذكورية ويحاول فرض سيطرته مما يولد مؤشرات لحدوث العنف يمكن تصنفيها ضمن نوازع الجريمة لدى الفرد وقد تؤدي لحدوث العنف وفي أحيان أخرى قد تكون المرأة نفسها أحد مسببات هذه الحاله لاستثارتها للرجل في موقف معين ما يجعل نوازعه تدفعه لارتكاب ذلك، في هذه الحالة يجب اللجوء للجانب الوقائي بتثقيف الضحية لما في ذلك من دور في تقليل نسبة وقوع الجريمة وعن الإجراءات المتخذة في حال وجود ضحية عنف عدد الأسمري أشكال الرعاية المقدمة في مثل هذه الحالات والتي قسمها لجوانب صحية وطبية ونفسية فقال (ما يخص الجوانب الصحية تعمل لجان العنف على تقديم الرعاية الطبية للضحية في حال وصولها وتقديم الإجراءات المطلوبة التي تضمن حفظ حقها وإعداد التقارير الطبية ومن ثم يتم رفعها للجهات المعنية التي بدورها تعمل على متابعة الإجراءات.كما أكد أن العنف الجسدي أوالجنسي يعد أكبر أنواع العنف ويمكن التعامل معها في رصد التقارير ووضح الأسمري أن العنف النفسي والإيذاء اللفظي يتم التعامل معه ولايمكن إهماله أو تجاهله وأضاف أن العنف النفسي والإيذاء اللفظي له وقع كبير جدا على الضحية وقد يوقعها في سلوكيات أخرى نتيجة لشعورها بعدم التقدير والاحترام. ووضح أن الأنظمة التي صدرت في طرق التعامل مع حالات العنف أنظمة جيدة وتؤدي المطلوب ولكن الحاجة للتثقيف والوعي المجتمعي أهم بكثير من ذلك. فلجنة إصلاح ذات البين تتبع للجهات القضائية وأيضا جهود الشؤون الاجتماعية في هذا الجانب متمنيا أن تفعل بشكل كبير وأن يدرج ضمن طاقمها أخصائيون نفسيون واجتماعيون ومؤكدا على ضرورة ظهور جهود مراكز التنمية الاجتماعية في هذا المجال كما نوه لضرورة غرس ثقافة الحوار في الأسرة فالمجتمعات العربية تفتقد هذه الثقافة على المستوى الأسري والمهني والاجتماعي. ثقافة الإصلاح الأسري والاجتماعي ثقافة إسلامية أصيلة وذكر الشيخ محمد بن سعيد صقران الشهري -رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- في محافظة المجاردة أن ثقافة الإصلاح الأسري ليست غائبة غيابا كليا فالمجتمع كبير فإذا كانت غائبة في مكان ليس بالضرورة أنها غائبة في مكان آخر فهي تختلف حسب وعي المجتمع بدور المصلح الاجتماعي ثم أكد صقران على ضرورة التنسيق بين الجهات ذات الصلة في حالة وجود العنف الأسري لاتخاذ إجراءات معينة لمحاولة إصلاح ذات البين وتذكير الطرفين بتقوى الله عزوجل فهذه الخلافات تؤثر على كيان أسرة بأكملها. كما نوه فضيلته لدور مكاتب الدعوة والإرشاد والخطباء وأئمة المساجد في التوعية الدينية في هذا الجانب. وذكر أن ثقافة الإصلاح والاستشارة الأسرية ثقافة إسلامية أصيلة وليست طارئة بل حرص عليها الدين الإسلامي لتشيع المودة والرحمة بين الزوجين أو لحل كثير من الخلافات وبالنسبة للزوجين قال فضيلته (إنه في حالة التأزم بين الزوجين واستحالة التفاهم بينهما فإن هناك إجراءات تتخذ لإعطاء كل ذي حق حقه ويلجأ للعقلاء من الأسرتين للحكم بينهما أما في حالات العنف وماشابه سواء من الأب أو الأخ فلابد من وجود أهل الاختصاص والتعاون بينهم وبين لجان إصلاح ذات البين. صقران/ تعليم المرأة ووعيها لايأتي الإ بخير وعن مدى تأثير تعليم المرأة ووعيها بحقوقها ذكرفضيلته أن العلم والتعليم لايأتي إلا بخير بل التعليم ضرورة ملحة للطرفين والجانب التوعوي أيضا ضرورة فالدين الإسلامي دين عدل حفظ لكل مسلم ومسلمة الحقوق بل جعلها منهجا جعل التجاوز فيها يعد تعديا على حدود الله، وعن أسباب زيادة حالات العنف الأسري وظهورها بشكل لافت إعلاميا وما إذا كان الإعلام بالغ فيه وضخم الأمر، ذكر أن الحالات موجودة وأن الإعلام سلاح ذو حدين ومتى ماسلط الإعلام الهادف الضوء على قضية معينة بهدف بحث أسبابها وإيجاد طرق لعلاجها فلا بأس في ذلك ولايخشى منه. وأكد على ضرورة تأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج بعمل دورات وبرامج تثقيفية وتوعوية تعزز مفهوم الأسرة والانتماء لها واحترام قيم الدين الإسلامي فلنا في رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في حسن تعامله مع أهل بيته. العقوبات النظامية والشرعية تصل للسجن وللغرامة بمبلغ خمسين ألفا وأكد مدير دار الحماية بعسير الأستاذ سعيد منيع أن من أهم أسباب العنف الأسري التفكك الأسري - الطلاق - الأمراض النفسية - تعاطي المسكرات والمخدرات كذلك الفقر والبطالة. وذكر منيع أن هذه الظاهرة موجودة في كل المجتمعات وبدرجات متفاوتة تبعا لحضارة المجتمع وثقافته وعاداته ولا يمكن ربطه بالمجتمعات العربية فقط ولكنه أصبح ظاهرة في السنوات الأخيرة نتيجة لعدة عوامل منها التغير الاجتماعي السريع الذي طرأ على الأسرة والمجتمع وضعف التنشئة الاجتماعية وغيرها من العوامل المرتبطة بوضع الأسرة الاقتصادي والصحي والتعليمي وأكد أن تعليم المرأة ومعرفتها لحقوقها داعم وبقوة كبيرة لها في الدفاع عن نفسها أمام هضم حقوقها ومواجهتها لمن يتعدى عليها. وأضاف قائلا ( إنه للعقوبات النظامية والشرعية التي تترتب على اعتداء أوعنف والتي نص عليها نظام الحماية من الإيذاء تصل إلى السجن لمدة عام والغرامة بمبلغ يصل إلى50000 ريال وذلك لتحقيق الحماية المطلوبة للمرأة والطفل من العنف الأسري وقال منيع (أرى إن هذه العقوبات رادعة حاليا ويمكن تعديلها أو الإضافة إليها متى دعت الحاجة لذلك مستقبلا. وأشار منيع لاختلاف أسباب العنف من حالة عنف لأخرى ولا يمكن فصلها عن الظروف الاجتماعية المحيطة بالأسرة وهناك حالات تكون المرأة هي المسبب للعنف الممارس عليها ولكن السائد أن الرجل هو المسؤول في معظم حالات العنف الأسري. وذكر إنه بعد صدور قانون الحماية من الإيذاء واللائحة التنفيذية لهذا النظام تعتبر الإجراءات التي تتبعها وزارة الشؤون الاجتماعية لمواجهة هذه المشكلة وإيجاد الحلول المناسبة لها من استقبال البلاغات مباشرة عن طريق وحدات ولجان الحماية الإجتماعية المنتشرة في جميع مناطق المملكة وعلى الرقم المجاني الموحد 1919 على مدار 24ساعة من الحالات المعنفة نفسها أومن الجهات الحكومية المعنية بحماية المرأة والطفل كالشرطة والمستشفيات وهيئات حقوق الإنسان والمدارس أومن مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بهذا المجال مثل جمعية حقوق الإنسان وخط مساندة الطفل تعتبر حاليا من الطرق المناسبة لمواجهة العنف الأسري والحد منه مع نشر ثقافة حقوق الإنسان وتوعية المجتمع بخطورة هذه المشكلة وكيفية التعامل معها. وقد تضمن نظام الحماية من الايذاء واللائحة التنفيذية له أشكال العنف التي يعاقب عليها القانون ومنها العنف النفسي وكذلك الجنسي والإهمال بالإضافة للشكل الغالب من أشكال العنف وهو العنف الجسدي. كما شدد منيع على دور التوعية والبرامج الإعلامية المتخصصة التي تنمي ثقافة ووعي المجتمع وكذلك عقد دورات وبرامج تطويرية للمهتمين والعاملين في هذا المجال.