وأخيراً، حسمت حركة النهضة موقفها من المشاركة في الحكومة التي دعي الحبيب الصيد إلى تشكيلها، حيث وافق مجلس شورى الحركة على «الانضمام مبدئياً» إلى الفريق الحكومي الجديد الذي اتضحت ملامحه أكثر خلال اليومين الماضيين. وكان رئيس مجلس الشورى فتحي العيادي أعلن مساء أول أمس السبت أنّ أعضاء المجلس وافقوا على مشاركة الحركة في الحكومة القادمة وذلك تكريساً لمبدأ التوافق خدمة للمصلحة الوطنية. وأوضح العيادي أن المجلس (أعلى سلطة تقريرية في الحزب) أكد على أن حركة النهضة تقترح تحييد وزارات السيادة في الحكومة المقبلة. وقال البيان الختامي لاجتماع مجلس الشورى بأن حركة النهضة مستعدة مبدئياً للمشاركة في الحكومة إذا تلقت عرضاً رسمياً وأفضت المشاورات إلى توافق حول برنامج الحكومة وأولوياتها، مشدداً على أهمية المرحلة الجديدة في ترسيخ دعائم الديمقراطية وتثبيت الحقوق والحريات وبناء منوال تنموي جديد والقيام بالإصلاحات الضرورية الكبرى في التنمية والاستثمار وسنّ منظومات قانونيّة منسجمة مع الدستور الجديد ومحقّقة لأهداف الثورة. كما ثمن البيان المشاورات التي بدأها رئيس الحكومة المكلّف مع التأكيد على أهمية توسيعها لتشمل الأطراف السياسية داخل مجلس نواب الشعب وخارجه تثبيتاً لآليات الحوار والتوافق والتشارك لتشكيل مشهد الحكم الجديد وإدارة الشأن العام على أساس البرامج والمناهج وبعيداً عن التهميش والإقصاء والتنافي. على أن تسريبات أشارت إلى أن حركة نداء تونس ذات الأغلبية البرلمانية، حسمت مع حلفائها المنتظرين في الحكم (وهي حزب الاتحاد الوطني الحرّ، وحزب آفاق تونس، وحزب المبادرة الدستورية التوجهات الكبرى للحكومة المقبلة التي سيقودها الحبيب الصيد. وأفادت مصادر مطلعة أنّ وزارات السيادة ستؤول في غالبها إلى النداء. في حين أنّ تشريك النهضة ومنحها حقائب وزارية باتت مسألة مستبعدة حيث يتجه الحزب نحو البحث عن شكل من أشكال التشاور والتنسيق المشترك مع النهضة والاستئناس ببعض رؤاها باعتبارها تملك ما يربو عن ثلث المقاعد في البرلمان مع تعهدها بالمعاضدة وعدم تعطيل العمل الحكومي. وسيكون البرنامج الانتخابي لحركة نداء تونس هو جوهر البرنامج الحكومي مع إدخال تعديلات بالتوافق مع شركائه لا سيما في النقاط الاقتصادية والاجتماعية. وبخصوص الجبهة الشعبية، فإنّ هناك شبه قناعة باستحالة مشاركتها في الحكومة المقبلة التي ستكون توجهاتها الكبرى مخالفة لأطروحاتها التي أعلنت عنها في الانتخابات وقبلها من قبيل تعليق المديونية ورفضها إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي.. إلا أن قرار النهضة المشاركة في حكومة الحبيب الصيد، قلب كل الموازين بما يستوجب إعادة خلط الأوراق مرة أخرى بالرغم من تعالي أصوات من هنا وهناك تطالب بإقصاء النهضة من السلطة. وكانت قيادات ندائية وأخرى تابعة للجبهة الشعبية عبرت عن تمسكها باستبعاد النهضة من أية تشكيلة محتملة للحكومة الجديدة كشرط أساسي للحفاظ على وحدة الصفوف وضمان التوافق مع الفرقاء السياسيين الآخرين.