أكد محللون اقتصاديون قدرة المملكة على الصمود لثلاث سنوات في ظل بقاء الأسعار في حدودها الراهنة فيما اتفقوا على أن الأسعار ستعود في الارتفاع التدريجي. وقال المحلل الاقتصادي فيصل الدوخي إن الأسعار تواصل هبوطها الحاد لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من خمس سنوات ونصف ولكن السؤال هنا ماهي تداعيات انخفاض أسعار النفط على اقتصاد المملكة؟ كما يعلم الجميع أن احتياطي المملكة تقريباً 2.7 تريليون ريال، وحتى لو واصلت أسعار النفط انخفاضها فلن يكون هناك تأثير على الاقتصاد السعودي والذي يعتمد على النفط ولكن ستكون بداية التأثير الفعلى بعد ثلاث سنوات من الآن مما يعني أن المملكة قادرة على الصمود مع هذا المستوى من الأسعار لمدة ثلاث سنوات قادمة، في المقابل سيكون وقع انخفاض النفط أكبر على دول محددة غير دول الخليج، فالمتضرر الأكبر هي روسيا، وقد لاحظنا انهيار الروبل وأن الاقتصاد الروسي غير قادر على استيعاب الصدمة خاصة لشركاتها الكبرى، كشركات النفط والغاز التي تساقط أسهمها، وبالدرجة الثانية إيران ستعاني هي الأخرى من انخفاض النفط ومع الضغط على أسعار النفط ستعاني ميزانيتها أكثر. وطالما أن انخفاض النفط غير مؤثر على المملكة فمن الأجدر أن تتمسك السعودية بحصتها في الإنتاج وعدم تخفيضها بالرغم من وجود فائض في العرض وتباطؤ في الطلب وضعف النمو الاقتصادي في الصين لكن نظراً لعدم وجود بدائل أخرى للمملكة في الوقت الحالي سوى مواصلة استراتيجيتها والمحافظة على حصتها بحيث تجعل العرض والطلب هو من يحدد الأسعار فيما يرى الكاتب والخبير الاقتصادي فضل البو عينين: أن عدم تعاون منتجي النفط المستقلين خارج أوبك وتصرفات المضاربين في السوق وراء هبوط أسعار النفط. وإغراقه بكميات نفط تفوق الطلب بكثير؛ أدى إلى وجود فائض لا يمكن التعامل معه بسهولة إلا من خلال خفض الإنتاج؛ وهو ما بحثت عنه السعودية ولم تجده. وأضاف: اجتهدت المملكة في الوصول إلى إتفاق لخفض الإنتاج من أجل تجفيف الفائض؛ إلا أن معارضة كثير من الدول؛ وفي مقدمها روسيا؛ دفع السعودية لتثبيت إنتاجها؛ وبالتالي تثبيت إنتاج المنظمة؛ على أساس أن الدول الأعضاء رفضت أي خفض في إنتاجها. مبينا أن استراتيجية المملكة تقوم على عدم خفض الإنتاج بصفة منعزلة عن الآخرين؛ فالمسؤولية جماعية ويجب على باقي الدول تحمل مسؤولياتهم. مشيرا إلى أن خفض السعودية لإنتاجها يعني أنها ستخسر في جانبي الأسعار والكميات؛ وهذا أمر غير مقبول. كما أنها تفكر كثيرا في عملائها الذين قد تفقدهم مستقبلا في حال خفض الإنتاج؛ وهي خسارة لا يمكن تعويضها بسهولة. وفيما يتعلق بالأسعار المستقبلية قال البوعينين إن استمرار الفائض الحالي لن يساعد قطعا في تحسن الأسعار بل ربما تدهورت أكثر لتصل إلى ما دون 50 دولار للبرميل؛ غير أن توقف بعض المنتجين لأسباب ربحية؛ قد يقلص الإنتاج؛ وبالتالي ينعكس ذلك على الأسعار التي قد تتحسن بشكل تدريجي. إذا العبرة في حجم المعروض النفطي؛ مقارنة بالطلب؛ ومتى كان الإنتاج مغذيا للفائض النفطي فسيكون التفاؤل بإرتفاع الأسعار غير مبرر البتة. ومن الناحية المالية؛ فهبوط الأسعار بمستوى 48% سيؤدي دون أدنى شك إلى انخفاض دخل المملكة بشكل حاد ومؤثر؛ لذا فإن لانخفاض الأسعار انعكاسات سلبية على حجم الدخل وبالتالي الاقتصاد بشكل عام. بل إن سوق المال كانت من أوائل ضحايا النفط محليا؛ في الوقت الذي ستدفع فيه شركات البتروكيماويات واستثماراتها التوسعية ثمن الهبوط المفاجئ إذا ما أستمر على ما هو عليه. وتابع البوعينين: يجب أن نشير إلى أن الاحتياطيات المالية الضخمة قد توفر الحماية اللازمة للاقتصاد؛ وقد تساعد على عزل الانعكاسات السلبية الحادة؛ وهذا السبب الكامن خلف تأكيدات وزيري المالية والنفط من عدم تأثر الاقتصاد بانخفاض الأسعار. فالحماية المرتبطة بالاحتياطيات المالية قد تكون متاحة لفترات محددة؛ لذا ينبغي التفكير بشكل استراتيجي لضمان تجاوز الأزمة الحالية بأقل الخسائر. من جانب آخر؛ وجود الاحتياطيات المالية لا تعني ضمان الاستفادة منها؛ خاصة مع أوضاع الاقتصاد الأميركي المضطربة التي قد تؤثر سلبا في وفاء الولاياتالمتحدة مستقبلا بالتزاما تها المالية.