تهدفُ معاهد تعليم اللغة العربيّة لغير الناطقين بها إلى تعليم اللغة والعلوم الشرعيّة لأبناء المسلمين في جميع دول العالم، وتزويدهم بقدر كافٍ من القرآن الكريم والسّنة المُطّهرة. وتقدمُ لهم العديد من المزايا؛ لتُرغِّبهم في تعلُّم هذه اللغة: كالتعليم المجاني، والسكن، والتذاكر المجانيّة سنويًا للطلاب المتميزين، والتأمين الطبي في مستشفيات الجامعات والمستشفيات الحكوميّة؛ تشجيعاً لاستقطاب أكبر قدر من الدَّارسين. هذا النّوع من التّعليم، فتح، ومازال يفتح أبواب خير كثيرة على الإسلام والمسلمين. وما الإقبال على دراسة العربيّة من غير أبنائها إلاّ دليل قاطع على تميّزها عن غيرها من باقي اللغات. هذا الإقبال لابد أن يُواجه بحفاوة واحتواء لهؤلاء الطّامحين؛ لأنّ ترغيبهم في دراستها؛ ترغيبًا في دين الله يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لأنْ يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النّعم). فلابد أن نكون لهم قدوة تُعطي صورة حقيقيّة عن لغة حضارتنا العظيمة التي سمعوا عنها وأتوا؛ لينعموا برؤيتها. إنّ تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها من أصعب أنواع التّدريس، وأدقها؛ لذلك قيل بأنّ تسمية من يقوم بتدريسها مُدرّسًا تسمية خاطئة، فالأجدر أن يُسمّى معلماً، أما من يعلّمها لأبنائها فيسمّى ميسراً ومسهلاً. هذه التّسمية تؤكد على أنّ تدريس هذه اللغة لغير الناطقين بها، ليس سهلًا، فهو يتطلب جهدًا كبيرًا، حيث يستدعي متابعة من المعلم لطلابه، مما يضطره لأن يقوم بتقسيم طلابه إلى مستويات: (مبتدئ - متوسط - عالي) وتقسيم كلّ مستوى إلى: ( منخفض - متوسط - عالي) ثم يكون توزيع المهارات الأساسيّة على المستويات: (الكتابة - القراءة - الاستماع - المحادثة). كلُّ هذا باستخدام اللغة القياسيّة الفصيحة. كما أنّ وضع المناهج لهذه الفئة ليس سهلًا؛ لذلك يعاني ذوو الشأن في هذه المعاهد من اختيار الكتب والطرق المناسبة. إلا أن ما يُهوّن مرارة المشقة في كلّ ذلك، الأجر العظيم الذي ينتظر القائمين على هذه البرامج. يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه». وأهمّ خطوة في تعليم القرآن الكريم؛ هي تعليم لغته، بدقة، ومهارة تصل القارئ له بعمق المعاني، وأسرار التأويل، فأيّ خير ينتظركم يا معلمي اللغة؟ وأيّ خير ينتظركم أيّها القائمون على هذه البرامج؟ تحية إكبار للقائمين على هذه المعاهد، وتحية خاصة لمعلمي هذه اللغة في يوم اللغة العربية العالمي. هنيئًا لعربيتنا هذا البر، وهنيئًا لكم ما ينتظركم من خير عند الله.