من مبدأ الواجب الوطني والدور التنويري للمؤسسات التربوية والتعليمية في البناء وتعزيز المستقبل وتكوين الهوية وخدمة مجتمع الوطن والمحافظة عليه وعلى كافة أفراده ومقدراته ليس في وطننا فحسب، بل في الوطن العربي والإسلامي كافة؛ سعت جامعة الملك خالد في سياق خططها التوعوية في طرح موضوع بالغ الأهمية للحوار والنقاش والاستفاضة في «المؤتمر الدولي للإعلام والإشاعة: المخاطر المجتمعية وسبل المواجهة « الذي عقد خلال الفترة من 3 إلى 5 صفر 1436، الموافق 25- 27 نوفمبر 2014 بمدينة أبها. وافتتحه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة عسير، بمشاركة أكثر من 80 باحثاً وباحثة من داخل المملكة وخارجها. وفي تأكيدي -كمتابع- أن ذلك الحدث الكبير كان ناجحاً بكل المقاييس؛ إذ كرست له جامعة الملك خالد كل الجهود وهيأت له كل عوامل النجاح في سبيل تأطير السبل من أجل مواجهة الإشاعات وتشويه الحقائق لاسيما مع انتشار استخدام شبكات التواصل الاجتماعي ووسائله، ونمو أعداد مستخدمي هذه الوسائل والتقنيات والتي أسهمت كثيرا في نشر الإشاعات في المجتمعات بشكل عام ومجتمعنا بشكل خاص. واختتم المؤتمر بتوصيات جوهرية وإستراتيجية مهمة على الصعيد الأكاديمي والعملي من المؤمّل أن يستفاد منها.. داعياً الله العلي القدير أن يُكلّل هذه الجهود والمساعي بالتوفيق والسداد. لماذا يلجأ كثير من الناس إلى الإشاعة؟! ولماذا تحظى الشائعة بقبول غريب في مجتمعنا إلى درجة التصديق لمضامينها كحقائق لا تقبل الجدال أو النقاش؟!.. أي الأنماط من السلوك والشخصيات تتركز حولها الإشاعة؟.. وهل الإشاعة ظاهرة تصنعها المصادفة والعفوية أم أنها تدبير مقصود لخدمة أغراض بعينها؟!. الإجابات على مثل هذه التساؤلات يصعب على غير مختص اجتماعي الإفتاء فيها بإقناع وموضوعية.. لكن ما يسترعي الانتباه فعلاً أن الإشاعة في مجتمعنا أصبحت وبخاصة في الآونة الأخيرة من وسائل الإسقاط الاجتماعي.. يلجأ إليها الكثيرون ويبالغون في مضامينها.. والأعجب من ذلك سرعة انتشارها وسهولة تقبل الناس لها وجعلها موضوع كل حديث دائر بينهم في مقار أعمالهم وبخاصة تلك التي تنتشر فيها البطالة المقنعة وفي اجتماعاتهم الخاصة. الإشاعة في المنطق الدعائي سلاح خطير ذو حدين بإمكانه أن يحدث الثغرات لدى الخصوم ويعجل بالهزيمة وبإمكانه أيضاً أن يصيب صاحبه قبلاً.. والإشاعة في المفهوم الاجتماعي عملية تنفيس ووسيلة إسقاط ضد كل الظواهر وأنماط السلوك التي لا تلاقي قبولاً من الناس أو تستفز مشاعرهم الخاصة وقيمهم الاجتماعية. وهي أكثر استخداماً في تلك المجتمعات الصغيرة شبه المغلقة وأكثر قبولاً لدى السذج والعاطلين فيها ربما لأن الإشاعة تلبي رغبة مدفونة في التنفيس والنقد.. وتعطي راحة نفسية لتبرير السذاجة والبطالة. الإشاعة في مجتمعنا تتخذ في الآونة الأخيرة شكل الظاهرة وهي ليست جديدة بالطبع.. لكنها تبدو في طابعها الأخير وموضوعات تناولاتها وسرعة انتشارها مميزة وجديرة بالتأمل حقاً.. فهي في معظمها تدور حول جوانب سلوكية وأخلاقية بالذات.. وإن كانت لا تغفل في بعض الأحيان تناول جوانب سياسية خاصة تلك التي تتعلق بموقف أو حدث على درجة من الأهمية.. وكثيراً ما شكَّلت الإشاعة الوزارات المؤسسات الحكومية أو الخاصة وأسقطت أخرى وجميعها لا تخرج عن إطار التمني أو التوقعات أو الرغبة في التنفيس. مسؤولية من الرد على الإشاعات؟.. وكيف يمكن للناس أن تعرف مدى الصدق من عدمه في الإشاعة التي يتم طرحها أيّاً كانت النية؟.. لا تقولوا: إن ذلك مسؤولية أجهزتنا الإعلامية مسموعة أو مقروءة، فذلك ما ليس بإمكانه فعله.. لأن عجز تلك الأجهزة وتكتمها في كثير من أحيان ولاعتبارات شتى غير منطقية في معظمها، أسهم إلى حد كبير للجوء الناس إلى الإشاعة والتنفيس عما يدور في أعماقهم من خلالها.. وقديماً قالوا: «فاقد الشيء لا يعطيه».. وقد صدقوا.. أما الإجابة على التساؤل فأنتم بلا شك بها أدرى.