استبعد اقتصاديون تأثر الاقتصاد السعودي جراء قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بإنهاء برنامج شراء السندات الذي بدأه عام 2008 لتحفيز الاقتصاد حيث أوقف مشتريات سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بحوالي 1 مليار دولار بدءاً من نوفمبر المقبل. وعلل الاقتصاديون عدم التأثر بأن معظم استثمارات المملكة على شكل أوراق مالية وسندات. وقال المحلل الاقتصادي محمد العمران بأن القرار كان متوقعاً والاقتصاد الأمريكي بعده مطالب بالاعتماد على نفسه وخاصة بعد وجود مؤشرات تحفيزية كمؤشر العمل حيث ما زال الاقتصاد الأمريكي يتمتع بنمو وإن كان بتباطؤ ولكنه نمو إيجابي, وأضاف العمران: أساسيات الاقتصاد في الوقت الحالي من المفترض هي من تقوم بدور إنعاش الاقتصاد العالمي, مشيراً إلى أن تأثيرات ذلك من الممكن أن نراها خلال السنتين أو الثلاث سنوات القادمة, منوهاً بأنه في حال حصلت أزمات أو ظروف غير متوقعة من الممكن أن نرى خطط دعم وتحفيز جديدة من البنك الفدرالي الأمريكي أو حتى من البنك الأوروبي المركزي وأن الاحتمالات جميعها قائمة وأن خطط التحفيز القادمة لن تكون مكلفة كقرارات لرفع سعر الفائدة بشكل مفاجئ وممكن أو أن يكون سعر الفائدة بالسالب وهذا يؤدي إلى تحفيز الأسواق والاقتصاد بشكل عام. وأضاف العمران بأن الرأي المعارض الوحيد كان يرى بأن الاقتصاد إلى الآن لم ينتعش بالشكل الكافي وأنه يوجد أحاديث داخل البنك الفدرالي بضرورة وجود خطة تحفيز وجولة جديدة من التيسير الكمي رابعة وخامسة, وأن هناك مجموعة مؤمنة بذلك ولكن تظل الكفة غير متكافئة في التصويت وأن الأغلبية يرون بإيقاف الخطة الثالثة. من جهته أكد المحلل الاقتصادي محمد العنقري بأنه لن يكون هناك أي ضرر على الاستثمار بالسندات بل إن عوائدها قد ترتفع باعتبار أن الفائدة سترتفع مستقبلاً كما أن الدولار سيتحسن كقيمة أمام العملات الأخرى أما حجم الاستثمارات فيها وإن كان غير معلن لكن معروف أن السندات الأمريكية تعتبر الأكبر جاذبية عالمياً ومن الطبيعي أن تكون نسبة الاستثمار فيها مرتفعة لعوامل عديدة كالتصنيف والأمان والضمانات التي تقدم لتغطيتها. فيما أوضح العمران بأن انخفاض أسعار البترول لم يكن له تأثير على قرار البنك الفدرالي فقط بل تأثيره يمتد إلى الاقتصاديات العالمية ككل بشكل إيجابي مع أنه يسبب ضرراً للدول المنتجة على المدى القصير ولكن الاقتصاد العالمي سيتسارع وهذا بدوره سيعيد قوة الطلب على المنتجات البتروكيماوية والبترولية على المدى الطويل, مبينا بأنه لا يوجد تأثير على اقتصاد المملكة من هذا القرار لأن معظم هذه الاستثمارات على شكل أوراق مالية وسندات ولكن التأثير يأتي من خلال التصدير وفي حال استمرار سعر النفط ب80 دولاراًً خلال الثلاثة الأشهر القادمة سيكون تأثيره على ميزانية الدولة وليس تأثيرات سلبية لأننا في وضع جيد ولكن هذا الانخفاض سيكون له تبعات حيث سيقلص من الباب الرابع من الموازنة المالية وستتجه الدولة لترشيد الإنفاق الحكومي بشكل أكبر ومن الممكن أن نرى تأثير ذلك على السوق المالية وسوق العقارات في المملكة وهذا شيء طبيعي بسبب انخفاض 15 إلى20% بالمية من إيرادات الدولة. ارتفاع الدولار مقابل اليورو يرى العنقري أن ارتفاع الدولار سيخفض فاتورة الواردات باقتصادنا من الدول الأخرى لأن الريال مرتبط بالدولار وهذا سيساعد على اتخاذ قرارات بالسياسات المالية والنقدية أسهل لأن الضغوط التضخمية ستتراجع كنتيجة طبيعية لانخفاض تكاليف الواردات وسترتفع معها القوة الشرائية للريال مستقبلا بعد سلسلة تراجعات لسنوات بالدولار لكن الحكم ما زال مبكراً على كل التوقعات لأن التأكد من مدى تعافي الاقتصاد الأمريكي ما زال مبكراً فكل الاحتمالات واردة في حال وجود ضعف بالاقتصاد الأمريكي قد يضطر الفيدرالي للبدأ بجولة تيسير كمي رابعة وهذا ما ذكره بعض مسؤولي الفيدرالي الأمريكي في تصريحات سابقة لكن ربط ذلك بالفترة التي سيقيم فيها مدى تعافي اقتصادهم، ويضيف العمران: نشاهد متغيرات كثيرة وأبرزها انخفاض سعر اليورو اليوم نحو مستوى 1.2600 أمام الدولار وهذا سيضغط أكثر على أي سلعة مقومة بالدولار أو العملات المربوطة بالدولار وبالتالي استيراد السلع بشكل أرخص مما هي عليه, وأضاف بأن التصدير ستكون تكلفته أعلى من المستورد الخارجي وأن الريال سيرتفع بسبب ارتفاع الدولار أمام العملات الرئيسية في العالم فهو إيجابي من جهة وسلبي من جهة أخرى بسبب أن التصدير بسعر عملات أجنبية. *** رفع الإيرادات وتغطية العجز من الاحتياطيات أشار العمران إلى أن ميزانية الدولة ستصدر بعد أقل من شهرين وسيتضح من خلالها مؤشرات كثيرة ستعطي إشارات سواء سلبية أو إيجابية والجميع سيراقب الميزانية إضافة إلى أرباح الشركات في سوق المال مع نهاية السنه المالية وسيتم متابعة ذلك من تأثيرها خلال شهري يناير وفبراير, مشيرا إلى أن الاقتصاد السعودي يعتمد على تصدير النفط والبتروكيماويات بشكل أساسي متوقعا في الوقت نفسه خلال السنتين القادمتين بوجود مطالبات كبيرة على تنويع مصادر الدخل للدولة بشكل حقيقي كالمطالبة بفرض رسوم على الأراضي وهو الأقرب لأن الهدف منه إعطاء توازن لسوق العقار من جهة ويكون دخل آخر للدولة وتقليص الاعتماد على البترول بالدرجة الأولى في حالة أدت المؤشرات إلى انخفاض في إيرادات الدولة. فيما توقع العنقري تحقيق إيرادات أقل من بيع النفط إذا استمر الانخفاض بالأسعار ولكن يمكن تجاوز هذه العقبة بتخفيض حجم المشاريع المطروحة بالموازنة القادمة أو توزيع المشاريع على سنوات أطول وكذلك طرحها بطرق تمويل متعددة كون الدين العام منخفضا وهذا يكون لبعض المشاريع وليس كلها كما يمكن رفع الإيرادات من مصادر عديدة أو تغطية العجز من الاحتياطيات التي وجدت لتكون صمام أمان للاقتصاد المحلي بمعنى أن الخيارات لمواجهة أي انخفاض بأسعار النفط متاحة ونملك مرونة كافية للتعامل معها مشيرا إلى أن تكلفة الصادرات سترتفع إذا ارتفع الدولار أمام بقية العملات ولكن هذا لا يعني مشكلة كبيرة إذا ما قامت الشركات المصدرة بتحسين تشغيلها وخفض التكاليف بطرق ووسائل إدارية وتقنية معروفة يفترض أن تنتقل لها بكل الأحوال كما أن حجم التحفيز الموجود للقطاع الخاص جيد ويساعد على إبقاء التنافسية لصادراتنا. يذكر أن البنك المركزي الأمريكي متفائل بشأن سوق الوظائف ولا يتوقع انخفاض معدلات التضخم على المدى الطويل بسبب انخفاض أسعار الطاقة, وللمرة الأولى الاحتياطي الفيدرالي من الممكن أيرفع معدلات الفائدة قريبًا إذا ما حقق الاقتصاد نموًا أسرع من توقعاته ويمكن أن يتسبب تباطؤ النمو في تأجيل قرار البنك المركزي برفع معدلات الفائدة لأول مرة منذ 2006. واشترى الفيدرالي أوراقًا مالية ب1.6 تريليون دولار منذ 2012 في ضوء البرنامج الثالث للتيسير الكمي في خطوة من شأنها خفض معدلات الفائدة وإنعاش الاقتصاد, وتصل موازنة الاحتياطي الفيدرالي حاليًا إلى مستوى تاريخي بواقع 4.5 تريليون دولار، وهو ما يفوق الموازنة المسجلة عند البدء في شراء السندات لأول مرة في 2008 بمقدار ستة أضعاف.