انفتاح العالم على بعضه أصبح واقعاً محتوماً بفعل التقدم المذهل في كل مناحي الحياة، وليس بمقدر أي جهة أو دولة العيش بمعزل عما يدور فيه من أحداث، سواء أكانت اقتصادية، أو سياسية، أو اجتماعية، أو إنسانية، أو حتى ثقافية.. ذلك لأن الأمر بات بيد منتجات العصر الحديث التقنية بفضل التسارع التكنولوجي في أدوات الاتصال والتواصل مع الآخر، رضي أم أبى. وهذا يعني أننا أمام تحدٍّ حقيقي؛ يحتم علينا التزود بأدواته، والاستعداد لبناء شراكات مع الآخر في شتى أنواع التقاسم الاقتصادي والسياسي، وغيرهما. ولكن تبقى المهمة الأصعب: كيف لنا أن نوجِّه قدراتنا الاقتصادية لتعين أدواتنا السياسية، والعكس؛ لتكون شراكاتنا نوعية ومطلوبة داخلياً؛ وتكون منسجمة إلى حد ما مع رغباتنا وتطلعاتنا وإرثنا الثقافي والفكري والديني؟ أعتقد أن هذه المهمة الصعبة تكمن في كيف نكون رياديين في كل شيء؟ ويكون هناك اهتمام بالشباب المبدع، ونخلق لهم حاضنات؛ لتخرج مواهبهم إلى الدنيا؛ لتكون ابتكارات وبرامج وأدوات ماثلة أمامنا؛ نباهي بها العالم؛ ونستطيع من خلالها تحديد نوعية شراكتنا التي نرغب فيها، وليس تلك التي تُفرض علينا. ومن أدوات إنزال العمل والفكر الريادي إلى واقع يسعى بيننا هو الاستثمار الجريء؛ وهو ما يتطلب استحداث آليات تمويل مواكبة لحاجة العصر، لا تكون تقليدية؛ وذلك من أجل تعزيز بيئة الأفكار والأعمال الريادية. ولا بد من استبدال طرق التمويل التقليدي بأخرى مستحدثة، تراعي المستجدات، وتلبي في الوقت نفسه الرغبات والتطلعات؛ وذلك لأنه من المعروف أن مسألة الاستمرار في الاعتماد على الأساليب التقليدية دون تنويع للمنتجات التمويلية عالية المخاطر ستأتي بعواقب وخيمة نتيجتها نهاية العمل الابتكاري وموته، والوقوع في إفلاس في الوقت نفسه. وفي اعتقادي، إن الأعمال الريادية ذات القيمة الإضافية، مثلها مثل المشروعات الناشئة، باب انفتاحنا على العالم. فقط علينا تطوير الأنظمة التمويلية، مثل «التمويل الجماعي»، وتمويل «ما قبل التأسيس»، وتمويل «المستثمر الملاك»؛ لتكون قادرة على تحقيق أرباح أو استرداد أصل رأس المال على الأقل، والعمل على معالجتها؛ لتكون مناسبة لمعالجة أي أزمة قد تُفشل أي مشروع ناشئ؛ وهو من شأنه أن يوفر فرصة واسعة لتجد الأفكار أو المشاريع الريادية الناشئة على موارد تمويل مستوعبة للمستجدات، وتراعي كيفية انفتاحنا على العالم واختيار شراكاتنا النوعية.