لا أحد يلوم الإعلامية السعودية (مريم الغامدي) عندما قالت في الكويت (الحمد لله أنني كرمت قبل أن أموت)، خلال إلقائها كلمة (المبدعين الخليجيين) المكرمين، فهي لا تتحدث عن نفسها بقدر ما تعكس حالة يشعر بها كل (المبدعين) في مجتمعاتنا!. ميزان ومقياس التكريم لدينا يبدو أنه ملتصق بكلمة (رحمه الله)، فمن شروط التكريم - غير المعلنة - غياب المُكرم!! ولا أعرف مجتمعاً تخصص في (تكريم الأموات) دون غيرهم مثل المجتمع العربي! فهل نحن لا نثق (بالأحياء) الذين ربما غيروا مواقفهم قبل الموت؟ أم أن (اللستة) العربية مليئة (بالأموات) رحمهم الله، حيث لن يصل الدور (للمُبدع الحي) إلا وقد ودع هذه الدنيا؟!. الغامدي كرمت في الكويت من قبل (أمانة مجلس التعاون الخليجي) نظير إبداعها الثقافي والإعلامي الذي امتد منذ (4 عقود)، قد تكون رشحت من قبل وزارة الثقافة والإعلام، ولكن كم (مريم) في مجتمعنا تستحق التكريم من وطنها قبل أن تموت؟!. يُقال إن (المجتمات الذكية) هي التي تكرم مبدعيها وهم (أحياء)، أما (المجتمعات النائمة) فهي التي تتذكر من يستحقون التكريم بعد (رحيلهم)، وأرجو أن لا يغلبنا النعاس في هذا الباب، فالتكريم (قيمة إنسانية) تدل على وفاء الشعوب ورقيها، بدليل أن العالم الأول (مستيقظ) لهذه النقطة، ومنشغل بتكريم رواده ليشكلوا (نماذج وقدوات) لأجيال تقاسمهم حياة الإبداع، وعلمياً يُقال عندما تكرم (مبدعاً) تصنع في مجتمعاً آخر، لأن التكريم حالة من (التحريض)!!. يحكى أنه في إحدى الدول العربية وبعد أن انتهى (حفل تكريم) أحد الرواد ( بدرع خشبي)، ووشاح من (قماش)، لم يجد هذا المبدع (أجرة تاكسي) يعيده إلى منزله، لأنه لم يتفرغ لجمع المال في حياته، عندها قال أحد (الخبثاء): ليته كرم بعد موته (أوفر له)!. لو أن نصف ما يدفعه العرب على حفلات تكريم المبدعين (الأموات) ذهب لتكريم المبدعين الأحياء، لربما (تقدم العرب)!. وعلى دروب الخير نلتقي.