هذه البلاد الكريمة كرمها الله بالأنبياء والرسل والأماكن المقدسة حتى أصبحت قبلة الإسلام والمسلمين في كل أنحاء المعمورة ... لا يعلم خفايا الحج وأتعابه وتكاليفه إلا من عمل فيه، وقد عملت مسؤولا في الحج لأكثر من (16) عاماً في أعوام سابقة ، تسارعت فيها أمور الحج إلى الأسمى والأعلى والأفضل مع تزايد الحجيج ، كم من المليارات أنفقت وكم من الجهود استغرقت، لقد صرف على مشروعات الحج أكثر من ميزانية دول بكاملها وتم إضافة مشروعات عملاقة في عهد رجل الخير رفيق السلام خادم الحرمين الشريفين تكملة وزيادة على مشروعات سابقة شملت التوسعات في الحرم المكي وما جاوره والتوسعات المصاحبة في المسجد النبوي ، من يعمل بالحج من العسكريين يجد صعوبة أكثر من وجوده في جبهات القتال.. إذ إن إدارة الحشود وبهذه الوفرة من الحجيج ما يقارب 4 ملايين في وقت واحد وساعات واحدة وأيام متعاقبة لهو أمر في غاية الصعوبة ولن تستطيع أي دولة مهما كانت مصادرها إدارة هذه الحشود. . لأنه أمر يتكرر كل عام وليس عاماً فحسب. من يشاهد هذه الملايين التي تزحف إلى منى ومزدلفة وعرفات ثم العودة إلى مكة في وقت واحد يراه أمراً شبه خيالي، والدليل على ذلك ما سمعناه من الحجيج الذين قدموا لأول مرة من انبهار ودهشة وكذلك ممن سبق لهم الحج، حيث أشاروا الى أن ذلك يعد من المعجزات في مملكة الخير والسلام مع قائدها الذي سخر كل إمكانات الدولة مدنيا وعسكريا لخدمة هؤلاء الحجاج والسهر على راحتهم ، كيف لو وجدت هذه الملايين في ساحة من ساحة الدول الأخرى وفي ومدينة واحدة، ثم تحركت صعوداً ونزولاً كيف ستكون إدارتها؟ لقد نجحت وزارة الداخلية بامتياز وجميع الجهات التي شاركت وفي مقدمتها القوات المسلحة وجميع القطاعات الأخرى. . وكان التنظيم في أعلى مستوياته والجميع كانوا على قدر المسؤولية، واستمتع الحاج بما قدمته حكومة خادم الحرمين الشريفين من تسهيل ورعاية وإمداد لوجه الله من الدولة والمحسنين الكثر الذين يسارعون للتبرع وتقديم الخدمات لوجه الله.. وأعجبني كثيرا الجهد العظيم الذي بذله أبناؤنا وبناتنا من الكشافة خاصة في هذا العام قدموا أمثلة ممتازة على العمل المحمود والجميل والمثمر للكشافة وكانوا عونا وسندا لكل ضعيف. يجب أن لا ننسى جهودهم أبدا وما بذلوه وكذلك من العسكريين الذين قدموا كثيراً من التضحيات بعزم وحزم ولين مع من يحتاج ذلك، وعلى من يحاول أن ينتقص من دور المملكة في خدمة الحجيج أن يصمت ، فالمملكة قامت بما لم تقم به دول مجتمعة دون عون أو إسناد من أحد، ومن شارك في الحج رأى بأم عينه الحقيقة وعظمة الموقف وارتقاء الدولة وقائدها بهذا الأمر العظيم وفخورين بكل الإنجازات التي توافرت لضيوف الرحمن، وفخورين بأبناء الوطن الذي ضربوا أعظم الأمثلة في خدمة ضيوف الرحمن.. وليس من سمع كمن رأى.. الذين يتفلسفون في الأماكن الفارهة والمكيفة عليهم أن يشعروا بغيرهم ممن يقف 48 ساعة وسط الشارع لخدمة الحجاج إضافة إلى صعوبة الموقف.. وبعض الحجيج - هداهم الله - لا يعرفون أسلوب أو طرق وكيفية الحج وكان يجب على بلدانهم توعيتهم قبل وصولهم للحج؛ لأنهم يتسببون في استنزاف الطاقات البشرية من ضياع وعدم معرفة الأماكن التي يريدون الوصول إليها. . وهنالك بعض السلبيات التي نعتبرها طبيعية مع كل هذه الحشود، إذ لابد أن تأتي بعض الأخطاء والأخطاء واردة ولكنها غير مؤثرة. هنيئا لمملكة السلام وما حققته هذا العام من عمل في غاية الإتقان وهنيئا لهذا الشعب بهذا الملك الرحيم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والحكومة الموقرة الذين قدموا كل شيء وسهلوا مأمورية هذه الأمم التي وفدت علينا لبيوت الله بكل ممنونية، فشكراً لك أيها الملك الرحيم، شكراً لولي عهدك شكرا لكل رجل مخلص في هذه الدولة دولة الخير والأمن والأمان وطاعة الرحمن، وكل حج وانتم وهذا البلد سالمين من كل شر.