فعلها الهلال، وحزم حقائبه لأستراليا بحثاً عن المجد، عن تأكيد السطوة، عن ترسيخ زعامة. فعلها الهلال بعد (توفيق الله) وخطف تأهلاً من مقلة عين الإمارات؛ ذلك الخصم العنيد الذي ينضح فروسية. تلمسناها في أعين جماهيره ومسؤوليه؛ فقد ذهبت من (العين إلى العين). عبارة بسيطة صفعت وجوه المجاهرين بالكراهية، والغارقين في سواد قلوب يجعلنا نتساءل وبإلحاح: هل يعشقون أنديتهم فعلاً، أم أنهم انضموا لأي جانبٍ -كيفما اتفق- لمجرد شرعنة أحقادهم؟ حالة غريبة صاحبت تأهل الهلال لهذا النهائي، ربما لم تمر على وسطنا الرياضي من قبل، ومن المؤكد أنها ستكون عادة مستقبلية سيتحمل وزر قبحها من قام بسنّها. ألا وهي المجاهرة بالكراهية، والدعاء على الهلال بالفشل والخسارة، ويا حبذا لو كانت مذلة. أعي تماماً أن استحضار وتبني مبدأ الوطنية في محفل رياضي للأندية، ليس دستوراً يوجب معاقبة من يرفضه. فالمنافسة المحمومة ترفض الاحتفاء بالغريم، ومن الكذب أن تحلم بزيادة إنجازاته. وفي المقابل، أعي تماماً أن الأخلاق الرياضية يجب أن توضع بين أعين كل منتمٍ لها، شاء أم أبى. فإن لم تستطع التجمل بكلمة مجاملة مؤدبة، فابتلعها واصمت. وابحث عن منطقة آمنة بعيداً عن تجييش الغوغاء أو إعجاب أصحاب السمو الرياضي. مؤلم جداً أن ترى من يطلق عليه (رجل إعلامي)، وهو يتبع خطوات (صبي مراهق) رفع عنه القلم. فمن الذكاء أن تخرج من أي حرب بأقل الخسائر وبهامة مرفوعة، خصوصاً عندما تكون قد أقحمت نفسك فيها إقحاماً وهي ليست لك. وفي الجهة الأخرى، نجد حالة غريبة أيضاً يعيشها محبو الهلال. ففي حين أن هلالهم (يعيث بآسيا جمالاً)، ساعياً لإعادة ترتيب أوراق ذاكرتها المهترئة، وباحثاً عن ترسيخ زعامته مجدداً؛ نراهم يحجمون عن مدحه وإيفاء زعيمهم حقه. يجب على الهلاليون قبل غيرهم أن يفرّقوا ما بين الاحتفاء بالبطولة، وبين تقدير ما تم فعله للوصول إلى نقطة ما قبل ملامسة الذهب. منع الفرح والاحتفاء هو تهميش لكل قطرة عرق بذلها اللاعبون، ولكل دقيقة إعداد وتخطيط وتدريب أمضاها الجهاز الفني والجهاز الإداري. فالحد الفاصل ما بين الحرص على ما تم وعدم تقديره قد بلغ حداً لا يطاق. تماماً مثل ذلك الوالد الذي كلما اجتاز ابنه اختباراً، فيحرمه من لذة التهنئة وكأنه قد تحصل على ما لا يستحق. فبكل بساطة، لن يحصل الهلال على البطولة إن لم يجتز دور المجموعات، ثم ثُمن النهائي، فربعه، ثم ألحقه بنصفه. هو مشوار طويل يستحق الإشادة، والبطولة هي تتويج لكل هذه المسيرة وليست محصورة فقط في اللقاء النهائي. بالتوفيق للهلال في إرضاء نهم عشاقه، وتطويع تلك المتمردة. فقد آن لها أن تعود. خاتمة... لله در الحسد ما أعدله *** بدأ بصاحبه فقتله