«الكشافة» التي تصدر من المملكة العربية السعودية وتُخَاطب العالم أجمع، منذ تحدُّثِ أعمالِها؛ بنشأتها، وحتى ارتدائِها ثوبَ خدمة حجاج بيت الله الحرام، إلى تجوالها داخلَ مناطقِ ومُحافظاتِ مملكتنا الحبيبة (وإمعاناً في الوصف) مروراً بنشاطاتها عربياً وعالمياً. فقد نشأْنَا حركِّياً على ظهرِ هذه المُهْرة العربيةِ السعودية، وقد امتطيْنَا صهوةَ الأعمال الناجحةِ البديعة، وحلَّقْنَا في خدمة وتنمية المجتمع. لقد أخذتْ على عاتقِهَا بعض الهمِّ المجتمعيِّ المحليِّ وجُمْلةٍ من الهمِّ الوطني، فهي لا تتوانَى في تقديم الإبداعِ المتميز النَّفِيس لتُشْبِعَ رغبةَ المُنْتسبِ لها أو المجتمع المحيط بها بروحِ العملِ الجماعيِّ التطوعيِّ لخدمة وتنمية المجتمع، ورفع الوعي المجتمعي حول كافة القضايا التي تهمُّ الوطن، واستيعابهم في الأنشطة التي تسهم في ترسيخ روح الولاء والانتماء الوطني في نفوسهم، وإفساح المجال أمامهم لممارسة الأنشطة التي تنمي هواياتهم ومهاراتهم الفنية والبدنية والروحية، فالحركة الكشفية في المملكة على امتداد عمرها ظلَّتْ بفضل الله تعالى ثم بفضل شخصياتِهَا، وعلى رأسهم رئيسِهَا التي انتهتْ إليه حالياً صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم، ظلَّتْ طوال زمنِهَا وبرؤسائِهَا السابقين تدرُّ علينا من منابعِ العمل التطوعيِّ من هذا الاتجاه مرةً ومِنْ ذلك الاتجاه مراتٍ عديدة، حتى تيقنتُ أنَّ النشءَ والشابَّ اعتادَ عليها ولا يستغْنِي عنها. شَمُخَتْ بنفسِهَا، وكَبُرَ طموحُها، وأصبحتْ تُهْدي الوطن مواليدها واحداً تلو الآخر، فأنجبتْ له خدمةَ حجاجِ بيت الله الحرام وزوّارِ المسجد النبويِّ الشريف في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة والمنافذ البرية والبحرية خلال موسم الحج عاماً بعد عام، في ظلِّ ما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي عهده - يحفظهم الله - خدمةً لضيوف الرحمن، وقد جاءتْ زخّات أعمالِهم الممطرة تُظْهِرُ الدورَ المنير للشبابِ السعوديِّ أمامَ حجاج بيت الله الحرام ومتابعيهم عبر وسائل الإعلام المختلفة. هذه المُهْرة المتحرِّكة في كلِّ اتجاه، المتوثبة في كل خطوةٍ والتفاتَةٍ والتي كُلَّما تراءتْ أمامي، وجدتني أُعْجَبُ بها أيّما إعجاب من خلال مشروعِها الإبداعي الإرشاد المتجول، والمساعدة في إدارة الحشود، والتعاون مع موظفي أمانة العاصمة المقدسة في منع البائعين المتجولين غير النظاميين من الافتراش في الساحات والطرق العامة، ومنع الحجاج من الحلاقة حول الساحات المحيطة بجسر الجمرات وتنفيذ الأنظمة عموماً، وعملهم على إرشاد الحجاج المرضى المتحسنين وإيصالهم إلى مقار مؤسساتهم وسكنهم بعد تماثلهم للشفاء، ومراقبتهم المواد الغذائية المعروضة للبيع والتأكد من تاريخ صلاحيتها ومصادرة التالف منها بالتعاون مع وزارة التجارة، إلى جانب مراقبة الأسعار والمساعدة في مشروع الإفادة من لحوم الأضاحي، بالإضافة إلى تنظيم حضور المحاضرات، إلى جانب المساعدة في توزيع الكتب والأشرطة الإسلامية وتنظيم المستفيدين الذين يسألون عن بعض أحكام الحج في الدخول على أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ، زيادة على ذلك ابتسامة أفرادها المشرقة التي دائماً وأبداً ترافقهم. هذه الغزالةُ الطريدةُ لها من العملِ التطوعي ومساعدة الآخرين وتعزيز المسئولية الاجتماعية والوطنية لدى النشء مالها، ولها من الهوى المدثر مالها، فمن الصعب جداً أنْ نُحْصِي خطواتِها التي خطَتْهَا في ذواكرَ طالما رَتَعَتْ بها، ومن الصعب جداً أنْ نرقبها وهي بين أعيننا تنمو وتتطور ولا نشارك بمتيسرِ القول أو بضربٍ منه. ويكفي منسوبيها ما قالَهُ صاحبُ السموِّ الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم رئيسِ جمعيةِ الكشافَةِ العربية السعودية، خلال الاحتفال الذي نظمتْهُ الجمعيةُ العربيةُ السعودية للكشافة بالتعاون مَعَ جامعةِ حائل بمناسبة اليوم الوطني ال84 بحضورِ صاحب السمو الملكيِّ الأميرِ سعود بن عبدالمحسن أمير منطقة حائل يوم الأربعاء الموافق 29/11/1435ه: «مما يُثْلِجُ الصدر ويُسْعِد العين هو رؤيةُ هذه الجموع من أبناء وطننا وهم ينخرطون في هذه الجمعية، هذه الجمعية العالمية، والتي تتفرّع منها الجمعية السعودية، هذه الجمعيات التي اختارتْ مبادئَ وقيما فاضلة يتحلى بها المنتسب إليها. ومن حُسْنِ الطالع ومن الأهميّة بمكان، أنَّ جميع هذه المبادئ والقيم الفاضلة تتمثلُ في جزءٍ من المبادئ التي وجَّهَنا بها دينُنَا الحنيف وتمثلّ بها الإسلام. فعندما نتحدثُ عن الفضيلة وعن المثالية فإننا نتوسَّمُها في الإنسانِ المسلم والمؤمن الذي يعي بمعنى الكلمةِ مبادئ َالقرآن الكريم وقيم السنة النبوية الشريفة التي جعلَتْ من المجتمع الإسلامي مجتمعاً مثالياً، أُخِذ من مثاليّاتِه ومن قيمه ومنْ مبادئه ما بُنيت عليه بعض الحقوق الإنسانية التي يُفاخر بها الغرب اليوم. كُلُّ ما في الإنسانية مِنْ مُثِلٍ هي نزلتْ في كتاب الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي بُعِث ليتممَّ الأخلاق، وبُعث رحمة للإنسانية، وبُعث معلماً للبشرية. هذا الإنسان الذي يتحلى بالمبادئ والقيم الإسلامية لا بد أن يكون كشافاً مبدعاً، لا بُدَّ وأنْ يكون كشافاً مثالياً. وأنتم في هذه البلاد محظوظون بأنكم نشأْتُمْ على مبادئِ الإسلام، وشاركتم في نشر مبادئ الكشافة. فهنيئاً لكم هذه المُثُل التي تنشرونها اليوم، وهي من أصالتكم، وهي من مبادئكم التي خُلقتم عليها، وتمسَّكْتم بها، وحافظتم عليها في هذه البلاد. أهنئكم وأهنئ أسركم وأهنئ قياداتكم، وأهنئ وطنكم بكم. إننا نعتز ونفتخر بكم، ونتمنى أن تكونوا في طليعة كشافي العالم. ويكفينا جميعاً فخاً واعتزازاً أنَّ رسالة الملك التي وجَّهها للعالم أجمع بمشروعه العظيم رسل السلام انتشرتْ في أرجاء الكون وتبناها أكثر من دولة وأكثر من جمعية كشفية، وتردَّدّ اسم المملكة مع السلام الذي يحض عليه الدين الحنيف. سلامٌ الله عليكم في مبدئكم، وسلامٌ الله عليكم في توديعي لكم. وشكراً». انتهى كلامه. أسأل الله التوفيق للقائمين على هذه الحركة، والصرح العملاق. كل توفيق واستمرار للعطاء المتنوع.