لفت انتباهي خبر نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) يشير عنوانه إلى: 20 متحفاً بالمملكة تستقبل الزوار في الإجازة، وهي المتاحف الموجودة بالمملكة، بمناطقها الثلاثة عشرة، إذا استبعدنا طبعاً المتاحف الفردية، والمتاحف العلمية والعسكرية التي تبلغ ثمانية متاحف... صحيح أن هذا الرقم من المتاحف يعتبر قليلاً جداً، خاصة عند مقارنته بالعواصم المتقدمة، كما في لندن التي يوجد بها أكثر من 240 متحفاً، وفي باريس 153 متحفاً، وفي نيويورك 230 متحفاً، وغيرها من الدول المتقدمة، بل حتى عند مقارنته ببعض الدول العربية التي يوجد فيها أكثر من مائة متحف، وعلى المستوى الخليجي، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة، أعلنت اليونسكو بأنها أصبحت في مصاف الدول المتقدمة في عدد المتاحف وجودتها، حيث بلغت المتاحف الوطنية الحكومية فيها 52 متحفاً وطنياً، بينما المملكة على اتساعها، وتعدد مناطقها، وتنوعها الثقافي والحضاري، وكونها جاءت في قلب الجزيرة العربية النابض بالتاريخ والعراقة، لا تملك سوى عشرين متحفاً، وتفاخر بأنها مفتوحة خلال الإجازات. نحن في هذه البلاد نمتلك تنوعاً ثقافياً هائلاً، قل أن يتوفر في دول أخرى، فالحضارة في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والطائف، تختلف تماماً عنها في مدائن صالح والعلا، التي تختلف أيضاً عن نجران، فحضارة ثمود والأخدود وكندة، والحضارة الإسلامية، وغيرها... كل توجد في المملكة، ومع ذلك لم نحظَ سوى بعشرين متحفاً، يشكو القائمون عليها من قلة الحضور، وإقبال المهتمين، لكن السؤال، لماذا؟ لماذا يزور السعوديون المتحف البريطاني، ومتحف اللوفر، والمتحف المصري وغيرها، لكنه يجهل متاحف وطنه؟ الجواب بمنتهى البساطة أن المتاحف لدينا متواضعة، مثل أي شيء آخر لا نعرف كيف نصنعه، ولا نسوّق له، سواء للمواطنين، أو المقيمين، أو السياح وزوار المملكة. وبعيداً هذه الحضارات العريقة، والموغلة في القدم، التي نسعد بوجودها في بلادنا، ماذا عن الحديث، فهل يوجد متحف للفن الحديث في المملكة؟ على الرغم من وفرة الفنانين التشكيليين، وريادة المملكة تشكيليا على المستوى الخليجي والعربي، فقد وصل فنانون سعوديون بلوحاتهم الفنية إلى العالمية، لكنهم في الداخل يكدحون في البحث عن صالة فنية لعرض أعمالهم، فما الذي يمنع أن تحتضن الرياض متحفا للفن الحديث، يضم لوحات تشكيلية ومنحوتات لفنانين سعوديين، نفتخر بهم، وندعو الزائرين للاطلاع على منجزنا الفني الحديث؟ فضلا عن متحف للفن الإسلامي؟ وعلى غرار ذلك، الكثير من المتاحف التي يمكن أن تقام في بلادنا، كالمتحف الزراعي، والجيولوجي، والطبي وغيرها من المتاحف العلمية. كم أتمنى أن توضع خطة خمسية لإنشاء عشرات المتاحف العلمية والفنية، في مختلف مدن المملكة، وذلك بما يتناسب مع أهمية المملكة ومكانتها الإقليمية والدولية، بحيث يصاحب ذلك طريقة عرض وتسويق رائعة لهذه المتاحف، وأن تكون ضمن عروض السياحة للبلاد من جهة، وضمن برامج زيارات المدارس والجامعات من جهة أخرى. كنا قديماً، حين نسخر ممن يتباهى بإنجاز شيء عادي، أو أقل من عادي، بأن نقول له من باب التندر والتقليل: بشّر أمك! لقد قلت ذلك في داخلي لكاتب الخبر، عن عشرين متحفا تفتح أبوابها خلال الإجازة: بشّر أمك!