ورحلت رفيقة دربي أُم تركي    المملكة تقود مستقبل التحول الرقمي    الكهموس: المملكة مستمرة في مكافحة الفساد    دراسة: كلما زاد إقناع الذكاء الاصطناعي قلت دقته    تقرير بريطاني يفتح الباب لرحيل صلاح نحو الدوري السعودي    الأخضر يتجهز لمواجهة الأردن بفترة «حرة»    كوزمين: هدفنا النهائي    المملكة توزع 1000 سلة غذائية في ولاية البحر الأحمر بالسودان    القبض على شخصين لترويجهما القات    ضبط 19576 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    أمير الشرقية يرعى تكريم الفائزين بجائزة الأحساء للتميز.. غداً    «جائزة الإعلام» تطلق مسار «التميّز»    تحسين الفئات الوظيفية ل3808 من منتسبي المساجد    «الأمر بالمعروف» تفعّل معرض «ولاء» بالطائف    اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث 2025    مهاجم نادي الفيحاء يخضع لعملية جراحية ناجحة بمجمع الدكتور سليمان الحبيب الطبي في العليا    2.31 تريليون دولار قيمة الإقراض بالبنوك الخليجية    السوق السعودية يغلق الأسبوع على مكاسب محدودة    71.5% من الأنشطة العقارية بالرياض    حقن التخسيس تدخل عالم القطط    النوم الجيد مفتاح النشاط اليومي    الهلال يتغلّب على المحرق البحريني بهدف ودياً    الدكتور شجاع آل روق يحتفل بزواج ابنه عبدالعزيز    رب اجعل هذا البلد آمنا    ترمب: هجوم تدمر حدث في منطقة خارج سيطرة الحكومة السورية    تشكيل منتخب السعودية المتوقع أمام الأردن في كأس العرب    «هوبال» يحصد جائزة «فاصلة» لأفضل فيلم سعودي    العزاب يغالطون أنفسهم    غزة بين آثار الحرب والطقس القاسي مع استمرار الضربات العسكرية    السعودية تواصل إيواء النازحين في جنوب غزة    زبرجد فيلم روائي يجذب زوار معرض جدة للكتاب    الملك يرعى الحفل الختامي للعرض الثامن لجمال الخيل العربية الأصيلة    تنمية الشباب.. الفرص والتحديات من منظور حقوق الإنسان    برعاية محافظ الخرج... انطلاق المؤتمر العلمي ال21 للجمعية السعودية التاريخية    رسالة من كانسيلو تثير الغضب    فريق قوة عطاء التطوعي يحتفي باليوم العالمي للتطوّع ويكرّم أعضاءه    الأردن يعلن إصابة النعيمات بقطع في الرباط الصليبي    ورشة عمل في فندق كراون بلازا تحت إشراف جمعية القلب السعودية ضمن حملة 55 قلبك بخير    "البيئة" تدعو لتبني سلوكيات التخييم الآمن والتنزه المسؤول خلال فصل الشتاء    كشف السلطة في محل الفول: قراءة من منظور فوكو    سماء المنطقة العربية تشهد زخة قوية من الشهب هذه الليلة    وزراء دفاع الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا يبحثون اتفاقية "أوكوس"    الاتحاد السعودي للتسلق والهايكنج ينفّذ فعالية هايكنج اليوم الدولي للجبال بالباحة    تصوير الحوادث ظاهرة سلبية ومخالفة تستوجب الغرامة 1000 ريال    رئيس دولة إريتريا يصل إلى جدة    تحت شعار "جدة تقرأ" هيئة الأدب والنشر والترجمة تُطلِق معرض جدة للكتاب 2025    الطائف تحتضن حدثًا يسرع الابتكار ويعزز بيئة ريادية تقنيه واعدة في CIT3    أمير منطقة جازان يشرّف الأمسية الشعرية للشاعر حسن أبوعَلة    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    أسفرت عن استشهاد 386 فلسطينيًا.. 738 خرقاً لوقف النار من قوات الاحتلال    زواج يوسف    ترفض الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي.. السعودية تكثف مساعيها لتهدئة حضرموت    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    ضمن المشاريع الإستراتيجية لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الملكية.. ولي العهد يرعى حفل افتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حجيج في ضيافة الملك عبدالعزيز

تتزامن مناسبة وطنية كبيرة وهو اليوم الوطني ال84 مع موسم إسلامي عظيم وهو الحج. ومن المناسب ذكر بعض مآثر من كان له فضل بعد الله في لم شتات هذه البلاد وتوحيد كلمتها وإعلاء شأنها مؤسس هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، -يرحمه الله- ويجزيه عنّا وعن جميع المسلمين خير الجزاء، في فيما يتصل بخدمة الحجيج، وذلك من باب الشكر الذي حثنا رسول الله عليه الصلاة والسلام عليه في قوله «من لا يشكر الناس لا يشكر الله».
إنّ من النعم العديدة التي منّ الله بها على هذه البلاد أنّها مهبط الوحي ومنبع الرسالة المحمدية وبلد الحرمين الشريفين، ومن النعم أيضاً أنّ الله هيأ لهذه البلاد وسخرلها ولاة أمر حريصون كل الحرص على خدمة الإسلام والمسلمين وتقديم أفضل الرعاية والخدمات وأرقاها لضيوف الرحمن يبذلون في ذلك وافر الجهد وعظيم السخاء بلا منّ ولا رياء طلباً في ذلك مرضاة الله، وهذه الرعاية والعناية تقليد متوراث أرسى دعائمه مؤسس هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله وجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء.
وإن كان من الصعب الحديث عن مظاهر الرعاية والخدمات للحجاج التي كان يوليها الملك عبدالعزيز عناية خاصة لكن أشير إلى أحد مظاهرها وهو استضافة الملك عبدالعزيز لعدد كبير من الحجاج والذي أصبح ديدن أبنائه البررة من بعده. فبالرغم من أنّ الموارد الاقتصادية في عهد الملك عبدالعزيز كانت محدودة جداً، فإنتاج النفط بدأ في عام 1939م لكن موارده لم تتعد بضع ملايين من الدولارات كل عام، ولم ترتفع إلى ما يقارب الخمسين مليون دولار إلا في عام 1950م أي قبل وفاته رحمه الله بثلاثة أعوام، إلا أنّ ذلك لم يمنع الملك عبدالعزيز من تقديم العون والمساعدة للراغبين في تأدية الحج خاصة الفقراء والمعوقين وتأمين المواصلات لهم وتوفير المأوى والمأكل والمشرب وسبل الراحة وكل ما يحتاجه الحاج.
إنّ مساعدة الملك عبدالعزيز للناس والمحتاجين منهم على وجه الخصوص لم تقتصر على تقديم ما يعنيهم في معيشتهم ودنياهم بل امتد ذلك إلى مساعدتهم على إتمام أمور دينهم، ومن ذلك تمكينهم من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام وهو نسك الحج فبحكم النشأة الدينية للملك عبدالعزيز، رحمه الله، حرص على تقديم الرعاية والعون للمحتاجين من فقراء ومعوقين طمعاً في الأجر والمثوبة من الله خاصة أنّ الحج يُمثل في ذلك الوقت مشقة كبيرة وصعوبة بالغة لدى الناس لضيق الحيلة الاقتصادية وعدم توفر وسائل المواصلات للأفراد وإذا توفرت للبعض فهي بدائية.
وفي هذا السياق يُذكر أنّ الملك عبدالعزيز مع بداية الستينيات الهجرية كان يبعث برسائله إلى المشايخ وأمراء البلدان وأمراء القبائل قبل الحج بحوالي شهرين وفيها أمر بحصر الناس المحتاجين والفقراء الذين لا يقدرون على الحج إمّا لعدم قدرتهم على تحمل نفقات الحج أو لوجود إعاقة لديهم ويحتاجون إلى عناية ورعاية خاصة ورفع ذلك إلى الملك عبدالعزيز حيث يتم ارسال سيارات لنقلهم من أماكن إقامتهم إلى مكة والمشاعر المقدسة واستضافتهم حتى إتمام نسك الحج ثم إعادتهم إلى أماكن اقامتهم.
وكان يُخصص ما يقارب أربعة أو خمسة أفراد يقومون ويشرفون على الرحلة. ويذكر للكاتب أحد الخويا في إمارة شقراء وكان أحد القائمين على إحدى الرحلات التي أمر بها الملك عبدالعزيز، رحمه الله، والمتجهة من شقراء إلى مكة المكرمة أنّه في إحدى السنوات وبالتحديد في عام 1372ه كان معه أربعة أشخاص آخرين يقومون ويسهرون على خدمة المسافرين الحجاج وراحتهم وكان عدد الأفراد المسافرين في تلك الرحلة أربعون فرداً وكان منهم مكفوفين.
فإذا كان هذا العدد في بلدة واحدة فقط وفي سنة واحدة فما بالك في البلدات والقرى الأخرى في مناطق المملكة المختلفة وعلى مدى سنوات عديدة.. وهذا يؤكد حرص الملك عبدالعزيز على مساعدة الناس على أداء نسك الحج لعظمه في الإسلام، ويعكس النزعة الدينية في شخصية الملك عبدالعزيز، وحبه للخير وما ينفع الناس.
وكان هؤلاء الحجاج يحضون بعناية خاصة وبحسن استقبال وبكرم الضيافة من الملك عبدالعزيز، رحمه الله، لأنّ الملك عبدالعزيز يرى أنّ ضيوف الرحمن هم ضيوف عند الملك عبدالعزيز، بل إنّه نتيجةً للخدمات المتميزة والتسهيلات الكبيرة التي كان هؤلاء الحجاج يجدونها والتي لم يألفوها أو يسمعوا عنها من قبل تولد لدى بعض عامة الناس نتيجة للجهل شك في أنّ هذه من الرفاهية التي قد تؤثر على حجهم وأنّ حجهم قد يكون ناقص، وأصبح بعض عامة الناس يرددون عبارة «ماحج إلا حجة الملك عبدالعزيز».
إنّ تقديم الملك عبدالعزيز، رحمه الله، العون والمساعدة للناس في تمكينهم من إتمام أمور دينهم لم يقتصر على المواطنين فقط ولكن شملت عموم المسلمين من غير المواطنين تجسيداً لمبدأ الأخوة والتكافل الإسلامي. ومن ذلك ما تُشير إليه الوثائق الإنجليزية والفرنسية، فتذكر أنّ بعض الهنود المسلمين الذين لا يستطيعون الحج يقدمون إلى البحرين ثم يكاتبون الملك عبدالعزيز لمساعدتهم في أداء مناسك الحج وكان الملك عبدالعزيز يأمر بنقلهم واستضافتهم حتى يُكملوا مناسكهم. ومن ذلك أيضاً أنّ الملك عبدالعزيز هبّ لنجدة الحجاج المغاربة الذين احترقت سفينتهم قرب الساحل السعودي وأمر باستضافتهم ونقلهم إلى مكة والمشاعر المقدسة وتكفل بنفقة ترحيلهم إلى بلادهم بعد إتمامهم مناسكهم.
وفي هذا الصدد يُشير سكرتير جمعية إعانة المنكوبين في البلاد السورية -كما ذكر ذلك المؤرخ الزركلي- أنّه سافر مع وفد في موسم حج عام 1926م (1346ه) لجمع التبرعات من الحجاج في مكة وقد زار الوفد الملك عبدالعزيز وأخبروه بما يعانيه الشعب السوري من نكبات وقد تعاطف مع قضيتتهم، وأشار عليهم بأن يحصروا التبرعات في الملك عبدالعزيز والمقيمين في مكة المكرمة من السوريين وغيرهم من المحسنين دون الحجاج، لأنّ غالبية الحجاج في أمس الحاجة إلى العون. كما أخبرهم بأنّه رهين رغبتهم وهو مستعد بالمبلغ الذي يقترحونه. ويستطرد سكرتير الوفد فيقول كنا نعرف الظروف التي يمر بها الملك عبدالعزيز فهو لم يضم الحجاز إلا منذ سنتين فقط كما أنّ النفقات التي يتكبدها في موسم الحج غير قليلة حيث كان وفود المؤتمر الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة والصحفيون الذين وفدوا لحضور المؤتمر كلهم ضيوف على جلالته بالإضافة إلى أنّ هناك كثيراً من الحجاج على ضيافة الملك عبدالعزيز.
رحم الله المؤسس الملك عبدالعزيز رحمةً واسعة وجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء. وقد استمر هذا النهج في الاهتمام بالحج والحجيج في عهد أبنائه من بعده، وأولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عناية خاصة لحجاج بيت الله ولعل ما نشاهده من توسعة كبيرة للحرم المكي والمدني لم يشهدها التاريخ من قبل وتوفير المنشآت والإصلاحات الكبيرة في المشاعر المقدسة وبمعايير عالمية خير برهان على ذلك، بالإضافة إلى استضافة خادم الحرمين الشريفين لأعداد كبيرة من الحجاج ومن مختلف دول العالم لتمكينهم من إكمال الركن الخامس من أركان الإسلام، فجزاه الله وافر الأجر والمثوبة على ما يبذله في خدمة الحرمين الشريفين وخدمة حجاج بيت الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.