لقد ورد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الكتاب والسنة، وهو من الأمور الهامة في مجتمعنا المسلم المتمسك بالدين الإسلامي الحنيف وهو من التعاون على البر والتقوى ومحاربة الفساد والعصيان بما ينفع المجتمع ويعينه على الإصلاح. ولطالما سمعنا أن معالي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ يحث العاملين في الهيئة على عدم مطاردة الناس وأن يترفقوا بهم ويصدقونهم عندما يوقفونهم ومعهم زوجاتهم أو أخواتهم وأنهم مؤتمنون ومصدقون فيما يقولون إلا أن هذا يخالف الواقع ويخالف الممارسات الميدانية التي نسمع عنها باستمرار من البعض منهم. ففي يوم الجمعة الماضي 3-11-35 ه كما نشرت جريدة الجزيرة يوم الاثنين 6-11-35 ه حدثت مشادة واعتداء بين بعض أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورجل بريطاني الجنسية ومعه امرأة سعودية الجنسية في مجمع تجاري في شمال الرياض، هذا ما أوضحته الزوجة السعودية في تداخل أجرته مع قناة روتانا خليجية وأجراه معها المذيع علي العلياني في حديث أوردت الموقف الذي حدث والملابسات. وبعد هذه الحادثة أوضحت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر النتائج التي وجدها الرئيس بعد التحقيق كما نشرت جريدة الجزيرة يوم 8-7-35ه بأنه قد ثبت للجنة التي قامت بالتحقيق كان المقطع المصور يعود إلى الواقعة المشار إليها وأن الأشخاص الذين ظهروا فيه هم من منسوبي الهيئة، وأن الشخص الذي ظهر في المقطع وهو يقفز على الشخص الأجنبي هو رئيس فرقة الهيئة. وثبت أيضاً أن الفرقة التي باشرت الموقف ليس من اختصاصها هذا الأمر، وهي بذلك ترتكب مخالفة وقد ثبت للجنة أن المرأة التي مع الأجنبي هي زوجته، كما أقرت الرئاسة بأن أعضاء الفرقة قد قاموا بتصعيد الموقف للحاق بالشخص الأجنبي وزوجته، وأن هناك عراكاً وقع بين أعضاء الفرقة والشخص الأجنبي وزوجته، كذلك ثبت تواطؤ أعضاء الفرقة على الكذب وتضليل اللجنة مع تناقض إفاداتهم. وقد اتخذ رئيس الهيئة معالي الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ قراراً بنقل هؤلاء الأعضاء المعنيين بالموقف إلى خارج منطقة الرياض وتكليفهم بالعمل الإداري، ونحن نشيد بالإجراء الذي تم اتخاذه والجهود التي تقوم بها الهيئة في مكافحة الفساد الأخلاقي وتتبع بعض المنكرات كالمخدرات والخمور والدعارة واستفزاز النساء وهذه سنة حسنة تقوم عليها الدولة منذ توحيد هذا الكيان على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه؛ حيث كان يطلق عليهم رجال الحسبة في وقت لم يكن فيه رجال الأمن في الشرطة بالصورة الموجودة حالياً والمنتشرون الآن ولله الحمد في جميع أنحاء المملكة؛ مدنها ومحافظاتها وقراها ورجال الهيئة يساندون عملهم جنباً إلى جنب كل في عمله. ولا شك أن عمل الهيئة ضروري لضبط المنكرات والمخالفات الشرعية من مسكرات ومخدرات والدعارة والمعاكسين من بعض الشباب وإيقاف من تثبت عليه المخالفات وإبلاغ الشرطة عنهم لتقوم بدورها في إيقافهم إذا ثبت عليهم الجرم وعرضهم على القاضي المختص. ولكننا نسمع بين الفينة والأخرى تصريحاً لمعالي الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ أن هناك دورات تدريبية ومحاضرات وندوات واجتماعات في مختلف مناطق المملكة، وأن هناك خططاً توضع للعاملين في الميدان حول أسلوب تعاملهم مع أفراد المجتمع، وخاصة داخل المجمعات التجارية ومعاملتهم بالرفق واللين وعدم تتبع عورات الناس، وأن يكون شعارهم الإصلاح وعدم تصعيد المواقف، وأن تكون نظرتهم نظرة تسامح وليس للانتقام وملاحقة ومطاردة من يرتكب مخالفة، وأن الشخص عندما يتم إيقافه من قبل الهيئة ومعه زوجته أو أخته وقال بأنها زوجته أو أخته فهو مؤتمن ويخلى سبيله ولا داعي لمطاردته مما قد يوقع الحوادث. وقد يقول قائل بأن هذا تصرف فردي وما حدث لا يمكن قياسه على ما يتم إنجازه من قبل رجال الهيئة، ولكن سبق أن حدثت مثل هذه المواقف بصورة متكررة وأعتقد أن الموضوع يحتاج إلى الاهتمام في انتقاء أعضاء الهيئة بحيث تكون أعصابهم هادئة وعقولهم وأفكارهم ووجدانهم ناضجة في تناول الموضوعات التي يتم التعامل معها، وقد يأخذ هذا الشخص الأجنبي المعتدى عليه بالضرب والرفس فكرة خاطئة عن الإسلام والمسلمين، ويعتبر أن هذه هي أخلاقنا، ولا تصل إليه ويعرف أن الإسلام دين التسامح والرفق والتعامل الحسن والاحترام لآدمية الإنسان سواء كان مسلماً أم غير مسلم، وهذا ما أكد عليه برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الحوار بين الأديان واحترام الديانات الأخرى، وقد يطالب بحقه الشخص ضد من ضربه أو رفسه. لذا، فإنني آمل من معالي الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ أن يعيد النظر في العقوبة التي تصدر ضد مثل هؤلاء الأعضاء بأن تكون العقوبة أشد صرامة من مجرد النقل؛ لأن هناك أكثر من مرة تتكرر فيها مثل تلك المواقف من رجال الهيئة، وتم تطبيق عقوبة النقل لمثل هؤلاء وتكرر الموقف حتى لا تتزعزع ثقتنا فيهم.