بالكاد استطاع حيدر العبادي تقديم تشكيلة الحكومة العراقية إلى البرلمان العراقي والحصول على ثقة البرلمان في «الوقت الضائع» من المهلة الدستورية، وكادت هذه الفرصة أن تضيع بعد أن وضعت كتل سياسية شروطاً صعبة أمام العبادي، فالأكراد اشترطوا تصفية الخلافات المالية وتسديد رواتب الإقليم قبل الموافقة، وتدخلت الولاياتالمتحدةالأمريكية التي شارك ممثّل لها في السليمانية ليقتنع الأكراد ويمنحوا مهلة ثلاثة أشهر لتصفية الخلافات مع الحكومة المركزية، أما الصعوبة الأخرى فظهرت هذه المرة في التحالف الشيعي الذي ينتمي إليه رئيس الحكومة من نفس القائمة التي ينتمي إليها «كتلة دولة القانون»، إذ رفض نواب «منظمة بدر» وهي مليشيات شيعية شكّلها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في إيران لمحاربة نظام صدام حسين، وقد انشقت من المجلس الأعلى وانضمت كتلة دولة القانون برئاسة نوري المالكي طمعاً في المكاسب التي حصل عليها رئيسها هادي العامري الذي تؤكّد مصادر المعارضة الإيرانية أنه جنرال في الحرس الثوري الإيراني، ومع هذا منحه المالكي حقيبة وزارة المواصلات، وهذه المرة يطالب العامري بإحدى الحقائب الأمنية وبالتحديد وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع وهو طلب إيراني أيضاً، إلا أن العبادي رفض ذلك لاعتراضات سنية وكردية وأمريكية ولهذا امتنع نواب منظمة بدر عن حضور جلسة تصويت الثقة وبقوا خارج قاعة التصويت، ورغم عدم حضورهم فإن حكومة العبادي التي خلت من اسمي وزيري الدفاع والداخلية نالت ثقة البرلمان بحصولها على أغلبية المشاركين في جلسة تصويت الثقة التي اكتمل نصابها. حكومة العبادي والأذرع السياسية الأخرى الممثلة بنواب رئيس الجمهورية يرى فيها المراقبون تشكيلة قوية ضمت جميع القيادات السياسية الفاعلة، وأن هؤلاء القادة إن أحسنوا التعاون ووضعوا مصلحة العراق قبل مصالح أحزابهم وكتلهم السياسية وقبل ذلك انتماءاتهم الطائفية والعرقية سيستطيع العراق أن يحل معظم المشاكل العالقة، إلا أن العراقيين يتخوّفون من تصادم مصالح هؤلاء القادة السياسيين، إذا تخلوا عن المصلحة العراقية العليا واهتموا بمصالحهم المذهبية والعرقية. ويرى المراقبون أن هناك بارقة أمل خاصة بعد الدعم القوي الذي تقدّمه أمريكا لحيدر العبادي الذي تجاوز الضغوط الإيرانية بتوزير هادي العامري لإحدى الحقائب الأمنية وأن العبادي بالإضافة إلى فؤاد معصوم وسليم الجبوري سيجدون توليفة مهمة جميعها ممثلة في الحكومة والرئاسة ورئاسة البرلمان، فوجود أسامة النجيفي وإياد علاوي ونوري وإبراهيم الجعفري وهوشار زيباري وروز نوري وباقر الزبيدي وعادل عبدالمهدي يمثِّل دعماً للمسيرة السياسية بشرط أن يتعاون الجميع لتحقيق المصالح العراقية العليا.