كنت أتابعه يومياً عبر صحيفة - أخبار اليوم - والأخبار- ولست وحدي المتابع بل هم الملايين من المتابعين لفنان الكاريكاتير المخضرم لدرجة الأستاذية بفنه الكاريكاتيري المبهر في رسوماته الناقدة الساخرة.. مصطفى حسين.. فنان الكاريكاتير المصري. الذي رحل عن دنيانا قبل بضعة أيام ترك لجمهوره المصري والعربي إرثاً فنياً زاخراً وساخراً في معظم القضايا المصرية والعربية التي تعج بها الشؤون السياسية والثقافية.. وإن كان الحيز الأكبر من رسوماته هو ما يعالج الشأن المصري. وقد جلبت له هذه الرسومات الكثير من المشاكل مع الحكومات التي تعاقبت على مصر من عهد السادات مروراً بعهد مبارك. أتى مصطفى حسين -لأخبار اليوم الأسبوعية كل يوم سبت. والأخبار اليومية. بترحيب قوي من الأخوين الراحلين علي ومصطفى أمين - صاحبي دار أخبار اليوم - شكل مصطفى حسين, ثنائي قوي. مع الكاتب الساخر أحمد رجب. فالتقتا الريشة والفكرة. فصاغ مصطفى حسين فناً راقياً عالياً في رسوماته الكاريكاتيرية الساخرة.. كيف لا وهو من رواد فن الكاريكاتير بمصر... الذين شكلوا أكبر قاعدة ثقافة لفن الكاريكاتير من عهد الفنانين الرسامين صاروخان ورخا. الذين سبقوه في هذا المضمار المهني الراقي. وهو من جيل الفنان الرسام القدير- أحمد طوقان. مصطفى حسين، مثلما أضحكنا كثيراً أبكانا أكثر في رسوماته الصاروخية والقصيرة ببضع كلمات ساخرة, ولعلي واحد من الملايين المتابعين الذين يتذكرون - رسوماته فلاح- كفر الهنادوه- ولد أبو سويلم أبو لسان طويل.. حينما يجسد الصورة الحقيقية لمشكلة اجتماعية ويضحي كاريكاتير عمنا مصطفى حسين, موضع إعجاب فبتناقل الحديث عنه عامة الناس بمثابة سهماً مارقاً يصل لهدف دون مواربة ويحدث مفعولاً سريعاً لدى جهة الاختصاص المعنية به.. حتى أن النكتة وظفها في ثنايا رسوماته الساخرة. فمن يقرأها لا بد أن يبتسم لحلاوة اللفظ وسهولة المعنى والهدف منها.. حتى أن الفلاح المصري ليضحك منها فيما ترمي إليه وهو المتعلم - العلام البسيط- كما يقال باللهجة الصعيدية.. أيضا المثقف القارئ لكاريكاتير مصطفى حسين. يشعر أنه يعبر عما بداخله من لواعج وهموم اجتماعية ينوء بها كاهله. أيها الفنان الأصيل الراحل.. وإن رحلت عن دنيانا الفانية, فإنك ستعيش بدواخلنا.. وإن كنت البعيد عن محيطك لكنني تعايشت مع إبداعك الفني سنوات طويلة.. حتى آخر رسم كاريكاتيري رسمته. ولم أعرف عندما قرأت آخر كاريكاتير له يقول: دلوقتي اسمه الاستعمار الغربي. كانوا زمان بيستعمروا الشعوب.. ودلوقتي بيستحمروا الشعوب. قليلة هذه الكلمات التي لا تفيك حق التبجيل والتكريم.. وإن كانت هي الكلمة الأولى والأخيرة التي أكتبها لك.. فرغم مرارة الفراق والحزن وداعاً يا رائد الكاريكاتير, فمثلما أضحكتنا بالأمس ها أنت تبكينا اليوم.. عزائي لأهلك وعشاق فنك, الذي سيبقى خالداً في عالم الكاريكاتير المصري العربي.