تابعت خلال الأيام الماضية حالات مستغربة على مجتمعنا واستغربت من بعض الأخبار التي تتداول مثل مواطن يعتدي بالضرب على طبيب ومواطن يضرب ممرضة بالعقال. وأيضا انتشر مقطع لمواطن منفعل يشتم أحد الأطباء والطبيب يحاول استفزازه وهو يقوم بتصويره، وكل ما عليك البحث في أحد المحركات عن «مواطن يضرب طبيبا» وستجد كمية من الأخبار الهائلة، هذا ما يعلن وما يسجل، ناهيك عن ما يتم حله وتداركه في حينه وقبل وصوله لوسائل الإعلام، ولا أعتقد أنها ظاهرة ولكنها حالات قليلة ومحدودة ... ولكن السؤال لماذا يعتدي المواطن على العاملين في المستشفيات؟.. فالجواب أن المواطن لا يحق له إلا مراجعة المستشفيات الحكومية وأكثر حالات الاعتداء لا نجدها إلا في المستشفيات الحكومية، لا أعتقد أن من قام بهذا الفعل المشين يرغب بذلك لمجرد التسلية أو حبا في الاعتداء على العاملين في القطاع الصحي الحكومي بالتحديد، أو قد يقول قائل إنها التربية ولا أشك في ذلك ولكن ما هو الدافع والسبب في ذلك؟ أعتقد في رأيي الشخصي ومن خلال زياراتي المتكررة لمستشفياتنا الحكومية وخاصة أقسام الطوارئ، فلا شك أنك ستعرف السبب، ولا أعلم إن سمح لك الأمر ستقوم بما قاموا به وأشد من ذلك أم لا؟، خاصة أنك لم تذهب للمستشفى للتنزه وشرب الشاي والاستمتاع برؤية الدماء وتكسر العظام، فلا بد أن هنالك ما يستدعي حضورك ووجود حالة خطيرة تطلبت مرورك على هذا المستشفى أو ذاك، وتتمنى أن تجد من يهتم بحالتك دون إبطاء أو تأخير، قد يكون الضغط النفسي الذي يلحق بمن يعمل في هذا المجال وخاصة الطوارئ وعدم قدرتهم بتحمل أسئلة أو استفسارات بعض المرضى عن حالاتهم ولا يحق لهم ذلك ووقتهم لا قيمة له إذا دخل في المستشفى، فلا بد من الانتظار حتى يتفرغ الطبيب أو تجد واسطة أو يأتيك الموت. فيتضح لكل من راجع مستشفى حكومي واستثني من ذلك أقسام ال VIP أن ذلك يعود لأسلوب بعض العاملين في هذا المجال، وعدم إلمامهم بنفسية المريض أو من يرافقه من أقاربه وتجد بعض الأطباء يعاملك باستعلاء وكأن المريض لا قيمة له، ولا يبين لمرافق المريض حالته وكيف يتعامل معه نفسياً، حتى أصبحت أشك ومن واقع تجربتي أن الطبيب لا يعلم ما في المريض وما هي حالته، ولذلك يختلق بعض الأعذار بالانشغال بمريض آخر ليتهرب منك، وأيضا يلاحظ أن العاملين في هذا المجال ونظراً لاحتكاكهم بعدد كبير من المراجعين ينفد صبرهم ويطفح كيلهم ولا يحتمل أي سؤال يوجه إليه وللأسف ان هذا هو سوء التربية وليس ذاك، مع العلم أن المراجع في مثل هذه الحالة لا يحتمل أي شيء ولا يوجد أهم من صحة الإنسان ولا يلام إذا تلفظ بسبب انفعاله، حيث إنه خارج الوضع الطبيعي للإنسان السوي بسبب المرض الذي تطلب حضوره. ويجب على العامل في المجال الطبي أن يهيأ نفسياً وأن يحسن التعامل مع مرضاه وأن يتسع صدره لهم، فهو لم يوجد في المكان الذي يعمل به إلا لخدمة وإنقاذ هؤلاء وأن يشفق عليهم ويتعامل معهم معاملة خاصة سواء كبر مرضه وحالته أم صغر. ولابد من إيجاد مكاتب شكاوى المراجعين ويفعل دورها وأن توضع عقوبات صارمة في حال وجود أي ملاحظة أو شكوى على أحد منسوبي المستشفى ولا أقصد الأطباء فقط بل جميع الطاقم من استقبال الحالة وحتى خروجها. لا شك أن أحدنا الآن إذا أراد مراجعة أي مستشفى حكومي فسيحمل هموم الدنيا فوق رأسه ولن يهنأ له بال قبل الموعد المحدد، وذلك يعود لسوء إجراءات التسجيل من سوء استقبال من بعض الإداريين حتى خروجك من الصيدلية لأخذ الدواء، ونأمل من وزير الصحة أو مدراء المناطق بدلاً من تكثيف ظهورهم في وسائل الإعلام واطلاعنا على زياراتهم المفاجئة للمستشفيات مع طاقم من المصورين، أن يقوموا بالاهتمام بمن وجدت لهم وأوجد لهم الطاقم الطبي وهم المراجعون وأن يمروا في أسياب المستشفيات ويستمعوا لمعاناة الكثير من المراجعين، وسيجدون كماً هائلاً من الشكوى والألم الذي نتمنى أن يعالجوه ويقوموا بدورهم المناط بهم، ونأمل أخيراً أن تتغير حال مستشفياتنا الكبرى للأفضل وتهيأ الخدمة النفسية قبل الجسدية لهؤلاء المراجعين.