أسس أحمد فاضل نزال الخلايلة 1966م - 2006م الملقب بأبي مصعب الزرقاوي تنظيم «التوحيد والجهاد» 2004م بدعوى تحرير العراق من الاحتلال الأمريكي متكئاً على حصيلته الجهادية ضد الروس في أفغانستان أواخر الثمانينيات ومستفيداً من معسكرات تدريب المسلحين العائدين من أفغانستان التي أنشأها في التسعينيات الميلادية، ولم يمض الزرقاوي وقتاً طويلاً بعد إعلان أسامة بن لادن إنشاء تنظيم القاعدة، فبايعه عام 2004م وأعلن تحويل تنظيم التوحيد والجهاد إلى «قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين» الذي اعتبر حينها أنه فرع تنظيم القاعدة في العراق، بل رأى الزرقاوي أن ينص على أنه جزء من تنظيم ابن لادن فحول اسمه إلى «القاعدة في بلاد الرافدين» ثم إلى «مجلس شورى المجاهدين» وينتهي التنظيم عند هذا المسمى باستهداف الزرقاوي في هجوم أمريكي على مخبئه عام 2006م . وكان أبو مصعب هذا قد التحق بالمقاتلين في أفغانستان 1989م والتقى بابن لادن وتأثر بأفكاره ثم لما عاد إلى الأردن سجن ست سنوات فالتقى في السجن بعاصم طاهر البرقاوي الملقب بأبي محمد المقدسي زعيم التكفيريين في الأردن وصاحب كتاب «الكواشف الجلية ...» سيئ الذكر، فتشرب بأفكاره وازداد غلواً على غلوه السابق الذي اكتسبه من معسكرات القتال في أفغانستان، وهكذا تم تكوين «داعش» من حيث المبادئ الأولى على التكفير والعداء المطلق مع الديانات والطوائف والثقافات والحضارات الإنسانية، واعتماد الوحشية واسترخاص إراقة دم المخالف حتى في التفاصيل الصغيرة، ومن الطبيعي أن مثل هذه الأفكار المتطرفة الشاذة لا تنشأ عادة إلا في بيئات مضطربة سياسياً وأمنياً؛ فولادة التكفير في بذوره الأولى في العصر الحديث كانت في سجون عبد الناصر بعد مرحلة اضطهاد الجماعات الإسلامية واستخدام العنف المطلق في محاربتها؛ فتكونت جماعة التكفير والهجرة التي عرفت لاحقاً بالشوقيين، ثم حين اندلعت الأزمة الأفغانية احتوت اتجاهات أيدلوجية راديكالية متعددة من الوطن العربي كله، وأخذت العناصر التكفيرية العربية المهاجرة إلى أفغانستان تغذي الأفواج الشابة القادمة إلى معترك القتال من كافة أقطار الوطن العربي، وليس الزرقاوي ومن لف لفه إلا واحداً من أولئك الذين تشربوا الفكر التكفيري هناك ثم أسسوا له تنظيماً في العراق هو «التوحيد والجهاد» ليتطور مع الوقت ومع تعاقب القيادات عليه ويغدو لاحقاً بعد عقد من الزمن إلى «دولة العراق والشام الإسلامية» التي عرفت اختصاراً ب»داعش»! وبعد أن قتل الأمريكيون الزرقاوي بتلك الغارة المفاجئة ارتج التنظيم وبحث عمن يخلف قائده فوقع الاختيار على حامد داود محمد خليل الزاوي الملقب بأبي عمر البغدادي وتولى قيادة مجلس شورى المجاهدين باسم منتحل هو أبو عبد الله الراشد البغدادي، ثم غيّر التنظيم اسمه إلى أمير دولة العراق الإسلامية. وأبو عمر كان رجل أمن سابق في حكومة البعث إبان عهد صدام حسين؛ ولكنه ترك وظيفته بعد أن اعتنق الفكر التكفيري 1985م، وكون جيشاً عرف ب»الطائفة المنصورة» ثم بايع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين! وقتل أبو عمر البغدادي بعملية مماثلة لسابقه عام 2010م فوقع اختيار تنظيم دولة العراق الإسلامية على إبراهيم عواد إبراهيم السامرائي الذي تلقب بأبي بكر البغدادي المولود 1971م وكان يعمل في أحد المساجد في أثناء الغزو الأمريكي للعراق، ثم انضم إلى فصائل مقاومة الاحتلال إلى أن أعلن مبايعته تنظيم القاعدة وخطط ودبر لعمليات تفجير متعددة في بغداد والموصل ضد الجيش الأمريكي ثم ضد الحكومات التي أنشأها، وقبض عليه عام 2006م وأدخل إلى سجن «بوكا» الأمريكي جنوب البصرة ومكث فيه أربع سنوات إلى عام 2010م ويعتقد أنه في السجن تم استقطابه استخباراتياً ورأى الخبراء الأمنيون في شخصيته نزعة الزعامة والقيادة مما سيساعدهم على تنفيذ ما بقي من خطة الشرق الأوسط الجديد القائمة على تفتيت المنطقة وتقسيمها. وهكذا تم إطلاق سراحه ليكمل الخطة التي رسمت له!