بالرغم من تحقيقها أفضل مشوار من بين المنتخبات الأوروبية المشاركة في تصفيات كأس العالم 2014 لكرة القدم، لم تكن هولندا مرشحة للتألق في النهائيات بسبب قلة خبرة لاعبيها، وخصوصاً خط الدفاع الشاب. لكن اللاعبين الذين لم يحصلوا كثيراً على فرصة إثبات علو كعبهم، ورشحهم كثيرون للوقوع في متاعب بمجموعة تضم إسبانيا بطلة العالم وتشيلي القوية، تركوا انطباعاً رائعاً من خلال قدرتهم على التنويع في اللعب، وتحمل الضغوطات المناسبة الكبيرة. صحيح أن أرين روبن وروبن فان بيرسي تألقا في الدور الأول، مع خبرة المدرب «اللعوب» لويس فان غال، لكن هولندا تدين بشكل كبير لدفاعها بالاستمرار حتى نصف نهائي المونديال البرازيلي. ضربت هولندا بقوة، وسجلت 10 أهداف في الدور الأول محققة 3 انتصارات على إسبانيا وأستراليا وتشيلي، قبل تتخطى المكسيكوكوستاريكا بصعوبة في ثمن وربع النهائي على التوالي. لم يكن أحد يتصور أن فان غال قادر على التفوق على مدربي باقي المنتخبات بهذه الطريقة، وأن يكون أسرع منهم دوماً باقتناص اللحظة المناسبة ووضع الخطة التي تقود إلى الفوز. ففي مباراة إسبانيا مثلاً أطاح بالخطة الهولندية المعروفة 4-3-3 معتمداً 5-3-2، فجاءت النتائج والتأهل الصارخ إلى الدور الثاني. وبالرغم من تألق فان بيرسي وروبن وسنايدر هجومياً إلا أن أساس الفريق ينطلق من خط الظهر، في ظل تألق ستيفان دو فري، رون فلار، برونو مارتنس اندي، دالي بليند وداريل يانمات، قبل ابتعاد الأخير عن ثمن وربع النهائي والدفع بالمخضرم ديرك كاوت الذي جسد دور اللاعب المتعدد الوظائف. وبفضلهم حصل روبن وفان بيرسي على أريحية، وبتمريرة بليند الخارقة سبح رأس الحربة لتسجيل هدفه الرائع في مرمى ايكر كاسياس متصيداً أحد أجمل الأهداف في النسخة الحالية. لعبت الأجنحة أدواراً دفاعية وهجومية في آن، خلافاً لقلبي الدفاع فلار ودو فري، فلطالما تقدم بليند ويانمات، ولاحقاً كاوت للدعم على الجناحين الأيسر والأيمن، وكانت مشاركتهم فاعلة في أطنان الهجمات على مرمى كوستاريكا في ربع النهائي، لكن من دون نجاعة قبل تدخل ركلات الترجيح لمصلحتهم. ويضيف بليند، نجل داني المدافع الدولي السابق والمدرب المقبل ربما للطواحين، نكهة عملية للدفاع، فإذا أراد فان غال تبديل خطته إلى 4-3-3 مثلاً لا يكون بحاجة لإجراء أي تغيير، فمجرد إعادة تمركزه تكون مفيدة لمدرب مانشستر يونايتد الإنجليزي بعد النهائيات. فالظروف العادية يمكن لبليند أن يشغل مركزاً دفاعياً في الوسط، وهو أمر معتاد عليه مع فريقه إياكس أمستردام، فيما يتقدم مارتنس اندي الذي يلعب جناحاً أو ظهيراً مع فيينورد إلى الجهة اليسرى، ثم يضع فان غال أحد اللاعبين ممفيس ديباي أو جرماين لنس على الأجنحة؛ ليعود إلى أسلوب جديد من خلال خطة 4-3-3. بعد انتقادات طالت الدفاع البرتقالي الشاب أثبت بفضل صلابته ورؤية فان غال التكتيكية أنه قادر على تموين المهاجمين بالأسلحة اللازمة، والحفاظ على نظافة شباكه حتى عندما يكون منجرفاً نحو الهجوم على غرار ما حصل في الفترات الحاسمة من مباراة كوستاريكا (صفر-صفر) في ربع النهائي. من دون الدفاع الصلب بالرغم من صغر سنه وقلة خبرته، لم تكن الفرصة ممكنة للوصول إلى نصف النهائي، لكن المحطة المقبلة ستكون أكثر تعقيداً كونهم سيلتقون الموهبة الأرجنتينية ليونيل ميسي وترسانة المهاجمين برفقته.