في حديثي لعدد من الطلاب المتخرجين من الجامعات الكندية، قلت لهم: إن كل إنجاز في الحياة يبدأ بحلم. تخيلوا لو أن شخصا يقود سيارته بغير هدى، تسأله إلى أين أنت ذاهب، فيجيبك أنه لا يدري! كل يوم يخرج هكذا، يجوب الشوارع بلا هدف، حتى يخلص وقوده، أو يقابل شخصا أو يحدث شيئا له يستحق التوقف. ماذا ستقولون عن مثل هذا الشخص؟ هذا هو حال أي منا إذا مضينا في طريقنا بلا هدف أو خريطة طريق. الرؤية والمهمة تبدأ بحلم أن تكون شخصا ما، أو تقوم بعمل ما. وعندما يبلغ بك التعلق بحلمك مبلغه تكرس كل مواهبك ومهاراتك ومواردك لبناء المركبة التي سوف تحلق بك إلى هدفك. ستواجهك حتما العقبات والصعاب والمفاجآت المربكة ولكنك مع الإيمان والصبر والإصرار على الوصول، فإن الأقدار ستتعاون لتبلغك هدفك. وعندما تصل بإذن الله، لن يكون ذلك نهاية الطريق. فما زلت في مقتبل العمر، فأحلم من جديد. وتذكر... تذكر دائما: أنك خليفة الله في أرضه، استخلفك لعمارتها بالتعاون مع الآخرين، ليكون العالم مكانا أفضل لجميع سكانه، فكل (الخلق عيال الله). وعليك أن تبدأ من جديد على طريق الإنجاز، وبناء قلعة أحلامك حجرا فوق حجر. أن تحمل الشعلة وتقود المسيرة وتقدم مثلا مضيئا للآخرين. وأن ترى واقعا ما ظن الآخرون أنه سراب، وتحقق ما حسبه غيرك مستحيلا، وتحل ما كان مستعصيا على الحل. بهذه الروح يكون الكبار كبارا، ويصنعون التاريخ. مرة أخرى، وأخرى، سوف تواجه أعداء التغيير والنجاح. طرق الحياة ليست دائما سريعة ومعبدة. في كثير من الأحيان، ستحتاج إلى رسم خرائطك وبناء طريقك وتصميم مسارات حياتك. ولكن هذا بالضبط ما تم تعليمك وتدريبك لتفعله. بالإضافة إلى أن الإنجاز لن يكون ممتعا لو كانت المهمة سهلة. فالانتصارات العظيمة لا تتحقق أبدا أمام أهداف ميسورة ومنافسين ضعاف. تذكر أيضا، وأنت تحتفل بالتخرج، أنه ليس نجاحك وحدك. فما كنت لتكون هنا لو لم تكن وراءك أسرة، ومدرسة، وبلدا شاركوا في إعدادك وتجهيزك. كلهم يشتركون في حلمك، ويدعمون مهمتك، ويحتفلون بانتصارك، فمن حقهم أن تضعهم على رأس قائمة تسديد الدين ورد التحية. وعند تخطيطك لطريق المستقبل، لا تنسى أولئك الذين كنت في أشد الحاجة لهم، لأنهم اليوم بأشد الحاجة لك. بماذا ستشعر لو أنك استثمرت جهدك ومالك في مشروع، فلما آن أوان الحصاد ذهبت الأرباح لغيرك. هذا بالضبط ما ستشعر به أمتك ووطنك وأهلك لو أنك قررت بعد كل ما استثمروه فيك أن يستفيد من علمك ومواهبك غيرهم. شعرت بأن مستمعي في حالة إصغاء وتأمل... ولكنني أيضا رأيت الحيرة ترتسم على الوجوه الشابة. لا بأس، فأمامهم عمر مشرق، بإذن الله، ليكتشفوا ويقرروا ما عليهم اكتشافهم وتقريره.