حمل اليوم الأول من الشهر الكريم مفاجأة سارة جداً للتونسيين الذين فوجؤوا بعد ساعة من الإفطار يوم أول أمس الأحد الموافق للفاتح من شهر رمضان المعظم، بطلوع رئيس الحكومة المهدي جمعة في التلفزات المحلية ليعلن عن إطلاق سراح الديبلوماسيين التونسيين الاثنين المحتجزين من طرف جماعة ليبية مسلحة كانت طالبت بإطلاق سراح متهمين ليبيين اثنين من السجون التونسية حيث يقضيان عقوبة بتهمة الضلوع في أعمال إرهابية بالتراب التونسي. وبالعودة إلى تفاصيل تسريح الديبلوماسيين المحتجزين بليبيا، أكد وزير الخارجية المنجي الحامدي أن الإفراج عن التونسيّين جرى بهدوء تام وبمتابعة مستمرة مع السلطات الليبية، نافياً حصول صفقة مع الخاطفين، مضيفاً أن الحكومة التونسية تولت بعث خلية أزمة تضم ممثلين من أجهزة الدولة للتعامل مع القضية، ومشدداً على أن تمشي الحكومة كان على مبدأين هما الحفاظ على سلامة المخطوفين وإرجاعهما سالمين، وثانياً التمسك بهيبة الدولة وسيادتها وعدم التفاوض تحت الضغط والمقايضة مع ترك الباب مفتوحاً لكل الوسطات من أجل إطلاق سراح المخطوفين. وأشار وزير الخارجية إلى أنه تم تحميل المسؤولية الكاملة للحكومة الليبية، وذلك حسب اتفاقية دولية مضى عليها سنة 1999، وأوضح أن حكومة المهدي جمعة تولت إعلام الأمين العام للأمم المتحدة بالقضية، مبيناً أن المجهودات كانت حثيثة ويومية وفي تمام السرية. وحول تكرر مثل هذه العمليات وآخرها جد منذ يومين والإجراءات الوقائية التي اتخذتها الدولة للتوقي منها، قال بأن مثل هذه العمليات التي وصفها بالإجرامية - على عكس عملية اختطاف الديبلوماسيين التي اعتبرها سياسية - أضحت روتينية وتستهدف كل الجنسيات دون استثناء والغاية منها الابتزاز من خلال الحصول على أموال، ودعا التونسيين هناك لتوخي الحذر وملازمة اليقظة باعتبار أن الاختطاف صار عملية سهلة وموجهة لكافة شرائح المجتمع في ظل انخرام الأمن العام. وكان الديبلوماسيان المفرج عنهما تم توجيههما إلى المستشفى العسكري بالعاصمة حال وصولهما إلى مطار تونس، وذلك قصد إخضاعهما لعدة فحوصات طبية ضماناً لسلامتهما، وكان أحدهما صرح باختصار متعمد، بأن ظروف الاحتجاز كانت سيئة للغاية، فيما كانت معاملة الخاطفين لهم جيدة. وحرص الديبلوماسيان على الإجابة «بلا أعرف» على كل الأسئلة الصحفية الموجهة لهما والمتعلقة بالجهة الخاطفة ومكان الاعتقال، وبعده عن المطار.. ويرجح المحللون السياسيون أن يكون الديبلوماسيان قد تلقيا تعليمات بعدم الإفصاح عن أية معلومات قد تكون خيطاً للوصول إلى الفاعلين الحقيقيين أو قد تكون أوامر ليبية داخلية لحين إلقاء القبض على المجموعة الخاطفة. وكانت مصادر إعلامية أكدت أن المفاوضات لإطلاق سراح الديبلوماسيين المحتجزين تواصلت طيلة المدة الأخيرة في صمت تجنباً لأي تسرب قد يسبب إشكالاً أو رجوعاً للوراء ووفق ذات المصدر، فإن وزير الخارجية المنجي حامدي هو من كان يقود المفاوضات بالتنسيق مع وزير المكلف بالأمن رضا صفر وبإشراف مباشر من رئيس الحكومة المهدي جمعة بالتنسيق مع مصالح السفارة التونسية بطرابلس. وذكرت هذه المصادر بأن الطرف الليبي الوسيط والمفاوض شخصيتان رفيعتا المستوى أحدهما طرف رسمي في الحكومة الليبية. وفي المقابل، تقول مصادر أخرى إن إطلاق سراح الدبلوماسيين التونسيين تم في إطار صفقة تبادل تم بمقتضاها إطلاق سراح إرهابيين ليبيين تورطا في عمليات قتل في عملية الروحية الإرهابية التي وقعت في أواسط سنة 2011. ويُشار إلى أن الليبيين الإرهابيين الذين سيقع إطلاق سراحهما هما كل من حافظ الضبع، المكنى ب»أبو أيوب»، وعماد اللواج بدر، المكني ب»أبو جعفر الليبي»، وهما يقضيان حكماً بالسجن لمدة 20 سنة لكل منهما، بعد أن اعتقلتهما قوات الأمن الوطني خلال العملية الإرهابية بمنطقة الروحية، وقد وجهت للعنصرين تهمٌ تتعلق بالخصوص بالقتل مع سابق الإصرار، والتآمر على أمن الدولة، وتشكيل عصابة، والاحتجاز، واجتياز الحدود، وإدخال أسلحة بطريقة غير شرعية. كما ازدادت الأمور تعقيداً بعد إعلان حزب التحرير في تونس مقاطعته الانتخابات منادياً بتكريس الشريعة ودولة الخلافة، حيث دعا رئيس المكتب السياسي للحزب عبد الرؤوف العامري إلى العمل من أجل إرساء دولة الخلافة من جديد والاحتكام للشريعة الإسلامية دون سواها في تسيير شؤون البلاد والعباد والتخلص من الهيمنة الاستعمارية الغربية.