اطلعت على مقال (مراعاة المشاعر خلقٌ كريم) لكاتبه الأستاذ سلمان بن محمد العُمري في عدد صحيفتكم (15212) الصادر يوم الجمعة 24 رجب 1435ه. وأحببت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع، إن هذا الخلق الحساس - إن صحّ التعبير - فُقد للأسف الشديد بين من يعيشون بيننا وكأنهم لا مشاعر لهم. فالخدم تشكل نسبة عالية في مجتمعنا، والبعض يتعامل معهم وكأنه يتعامل مع جماد لا مشاعر له؛ يطلبون من الخدم صف المأكولات أمامهم ولا يبقون لهم شيئا؛ وخاصة في التجمعات النسائية بل وتعطي طفلها وهو مع الخادمة ليأكل وليس لها إلا الشم والنظر. ورسول الله - عليه الصلاة والسلام - يقول: (إذا أتى أحدكم خادمه بطعام، فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين) (رواه البخاري) فليس من المروءة أن لا يعطى الخادم فضلاً أن يكون من الدين. (أبناؤنا أيضا قد تجرح مشاعرهم بتصرفات لا نبالي بها، فمن الآباء من يمن عليهم في تربيتهم والتعب عليهم؛ وقد يقول لهم إن البهائم أفضل منهم، وهناك من يرفع صوته على ابنه أمام أصحابه أو عند أقربائه دون مراعاة لمشاعرهم). وثمة فئة هم أولى الناس مراعاة للمشاعر - المرضى وذوو الاحتياجات الخاصة - هؤلاء الذين قد تؤثر فيهم الكلمة والنظرة أكثر من غيرهم، البعض يؤذيهم بنظراته والآخر برفع صوته وهو يتحمد ربه على أن عافاه مما ابتلاهم به. ثم السائلون وما أدراك عن مشاعرهم، أغلبهم أطفال لا حول لهم ولا قوة سوى أنهم مجبورون على التسول والوقوف لساعات طويلة تحت شمس حارقة. ألا تكفيهم حرقة أجسادهم فتحرق ومشاعرهم بإغلاق النافذة أمام نظراتهم الذليلة؛ أو نهرهم وسبِّهم بكلمات توغر في صدورهم الحقد الدفين.. والله نهانا عن ذلك: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} (10) سورة الضحى. والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يراعي مشاعر السائلين، فإن كان السائل لا يستحق المال ردَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - رداً جميلاً بكلمة طيبة ولم يجرحه؛ فعن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة، فسألاه منها، فرفع فينا البصر وخفضه، فرآنا جَلدين، فقال: (إن شئتما أعطيتكما، ولا حظَّ فيها لغني، ولا لقوي مُكتَسِب) (صحيح: مسند أحمد 17511). إنّ مراعاة مشاعر الناس وأحاسيسهم مما يزيد في الود ويؤلف بين القلوب، فاللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.