فاصلة: «لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين.. لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل» (جبران خليل جبران) منذ متى وأنت تفكر الأفكار نفسها، وتعيش السلوك نفسه وفق العادة؟ العالم من حولك يتغير في الثانية الواحدة، وفي الدقيقة تحدث مئات الأخبار، تبثها وكالات الأنباء، وأنت ما زلت تعيش متشبثاً بماضيك، تنظر إليه بحنين، وتعيش افتقاده، ولا تعيش اللحظة في حاضرك أبداً. وإلى متى وأنت ترفض كل جديد من قبل أن تعرضه على عقلك لتنشط فيه خاصية التفكر والتدبر، ولا تجعله رهينة لأي أحد مهما كان. انظر إلى الأطفال كم هم رائعون، لا يفعلون شيئاً أو يجتنبون شيئاً إلا بعد أن يسألوا لماذا؟ أما أنت فتفعل أشياءً لا تعرف مبررها سوى أنك اعتدت عليها، وتمتنع عن أشياء ولا تدري لماذا إلا لأن الآخرين امتنعوا عنها!! في هذه الحالة أنت مثال جيد للبرمجة التي أحدثها المجتمع فينا منذ كنا صغاراً؛ لنقع تحت سلطة أعرافه دون تفكير. أنت هنا مثلك مثل السجين، الفارق فقط أنك اخترت زنزانتك، وتقنع نفسك بأنها المكان المناسب، وحتى إن شعرت بالضيق لا تسمح لعقلك بأن يتساءل لماذا؟ لا أحد يخضع للعبودية الفكرية دون إرادته، وأنت قد صنعت سيدك واقتنعت بأنك عبده، وهكذا تمضي حياتك بلا أي نكهة، بلا بهجة؛ لأنك لا تتمتع بالحرية حتى بينك وبين نفسك. إنما الحياة طريق نسيره إلى النهاية ذاتها، لكن لكل منا قدرته على اختيار الطريق، وإرادته التي منحها الله له وأكرمه بخلافة الأرض. هل تشعر بأنك وأنت تسير مبرمجاً على ما لُقنت به في الماضي بأنك مخلوق الله، ونفخ من روحه في الأرض؟ هذا هو السؤال الذي لو فكرت فيه لتغيرت كل حياتك. إنما هي لحظة وعي تلك التي تفصلك عن الأمس، وتجعلك تعيش اليوم بكل تفاصيله؛ لتدرك أننا جميعاً نحتاج إلى أن نتخلص من برمجة عقولنا من قِبل المجتمع بمن فيه؛ لأننا اخترنا أن نعيش حياتنا.