ربما يخفى على كثيرين أن المنصب الأعلى في الإمبراطورية الأمريكية، أي رئاسة الدولة، استعصى على المرأة. هذا، على الرغم من أن المرأة وصلت للمنصب المماثل في دول ينعتها الأمريكيون بأنها من دول العالم الثالث كالفلبين، وبنجلاديش، فمنصب الرئيس في أقوى، وأكبر دولة ديمقراطية في العالم - باستثناء جون كينيدي وباراك أوباما - ظل مقصورا على الرجل الأبيض، البروتستاني من أصول إيرلندية، وغني عن القول أن فوز الكاثوليكي، جون كينيدي بالرئاسة، في عام 1960 كان استثنائيا، وبفارق ضئيل جدا عن منافسه الجمهوري، ريتشارد نيكسون، وقد ساهمت أموال والده الثري، جوزيف كينيدي في ذلك الفوز، وقد كتبت مقالا خاصا عن ذلك، ولذا يصح القول إن الاستثناء الوحيد، والحقيقي كان الرئيس، باراك أوباما، البروتستاني الأسمر من أصول إفريقية. لم يكن أحد يتوقع أن يفوز رجل أسمر برئاسة أمريكا، في 2008، وربما لولا كره الناخب الأمريكي لآل بوش، أو زعماء الحروب لما تمكن من الفوز، وقد ساعدت عوامل كثيرة في فوز أوباما التاريخي، كان أهمها - إلى جانب فصاحته، وثقافته العالية، وهوس الإعلام الأمريكي به، واستخدامه لوسائل التواصل الاجتماعي بفعالية - تلك الغلطة التاريخية للمرشح الجمهوري، جون ماكين باختيار حاكمة ولاية ألاسكا، سارة بالين نائبة له، وقد كانت كارثة حقيقية حطمت آمال مكين على صخرة جهلها، وانعدام وعيها السياسي، وكان أوباما، قبل مواجهته للمرشح الجمهوري، جون مكين في المرحلة النهائية لانتخابات 2008، قد وجد صعوبة كبيرة في تجاوز خصمه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وأعني هنا هيلاري كلينتون، والتي لم يتجاوزها أوباما إلا بشقّ الأنفس، وبعد أن أجبرها الحزب الديمقراطي على الاعتراف بالهزيمة، إذ كانت خصما شرسا لأوباما حتى اللحظة الأخيرة، فهل لا زالت مستعدة لتحقيق حلمها، وحلم المرأة الأمريكية في الانتخابات الرئاسية القادمة، في عام 2016؟!. هيلاري كلينتون لم تنافس أوباما في انتخابات الرئاسة الماضية، في 2012، وذلك لاعتبارات التقاليد الحزبية، ومع ذلك فإنها تتحفز منذ وقت طويل لخوض المعركة، ودخول التاريخ، كأول امرأة تتسنم منصب الرئاسة، تماما كما دخل أوباما التاريخ، كأول رئيس أسمر، وأتوقع أن حظوظها قوية للغاية في الوصول لسدة الرئاسة، في 2016، فإلى جانب مسيرتها السياسية، كزوجة لواحد من أنجح الرؤساء، وأعني بيل كلينتون، ونشاطها المميز أثناء رئاسته، نجحت في الفوز بمقعد عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، وعملت كوزيرة للخارجية، في الفترة الرئاسية الأولى لأوباما، إضافة إلى أن أمريكا تبدو، وبعد أن كسرت القواعد التاريخية الجامدة بفوز أوباما، مستعدة لكسر ذات الحواجز مرة ثانية، عن طريق فوز سيدة بالمنصب الرئاسي، خصوصا أن المرشحة لذلك تحمل إرثا سياسيا ضخما، وتجربة ثرية، وتأهيلا أكاديميا عاليا، وهنا أتمنى أن يأخذ حلفاء أمريكا، خصوصا في عالمنا العربي، والخليجي تحديدا، إمكانية فوز هيلاري كلينتون بالرئاسة على محمل الجد، وهناك فعلا من بدأ ينسج علاقاته الجيدة معها على هذا الأساس، فاستعدوا للمفاجأة الأمريكية الثانية، خلال عقد من الزمان!!.