الاختبارات موسمٌ يتكرر, ولقاءٌ يتجدد، وهي مصدر قلق وتوتُّر ورهبة لبعض الطلاب المقصّرين في الاستعداد لها باكراً، وفرصةٌ سانحة للمراجعة وتثبيت المعلومات عند الجادّين من الطلاب، وهي أيضاً لحظاتُ استنفار، وأيام اجتهاد، لكل المعنيّين بها: الطالب، والأسرة، والقائمين عليه؛ فعليها يتوقَّف ثمرةُ المجهود, وحصاد العام، يبدي الطالب فيها حصيلته، ويظهر حقيقة ما اكتسبه. والحقيقة الواضحة أن الكثير من الطلاب لا يعبأون بالدراسة الجادة والمذاكرة الحقيقية إلا قبيل الاختبار بأسابيع قليلة! فيحاولون فيها استدراك ما سلف من الإهمال، وإصلاح ما انكسر من الأعمال، فتراهم ينعزلون، ويجتهدون، ويسهرون طويلاً، وربما استعانوا بالمنبّهات -كالشاي والقهوة- ظناً منهم أنها تنفعهم، وليست في الحقيقة كذلك؛ بل تؤثر سلباً على كفاءتهم الجسمية والعقلية. وبسبب العجلة، التي يعيشها هؤلاء الطلاب في هذه الحالة، والهلع والخوف الذي يعتريهم من شبح الامتحانات؛ يخطئون كثيراً في السلوك الصحيح والتعامل السليم مع حالتهم هذه، فيذهب كثير من الوقت والجهد هباءً دون فائدة. وحتى لا يتعلل هؤلاء الطلاب بأن الاختبار كان صعباً، أو أن تصحيحه كان غير عادل؛ يقدّمُ الخبراءُ التربيون نصائحَهم ووصاياهم للتعامل السليم مع هذه الحالة، والخروج منها بأكبر الفوائد. واعلم أن الاستعداد للقيام بعمل ما أمرٌ طبيعيٌ قبل الإقدام عليه؛ فالمسافر يستعد للسَّفر بإعداد أمتعته، والرياضيّ يستعدُّ بالتَّدريب الجسمي والنفسي المتواصل قبل دخول المباريات أو المسابقات. وهكذا الأمر بالنسبة للطالب، فقبل دخوله الاختبارات؛ لا بد له أن يستعدَّ عقليّاً ونفسيّاً وجسميّاً لها, وإلا يصبحْ مَثَلُه كمَثَلُ الجنديّ الذي يدخل الحرب بغير سلاح. والاستعداد للامتحان أمرٌ يعتمد على الطالب أوَّلاً وأخيراً, وأهمُّ شيء: بَدءُ الاستعداد في الوقت المناسب, حَسَب تقديره لحجم العمل المطلوب إنجازُه. وإليك أخي الطالب - أختي الطالبة بعضاً من النصائح قبل الاختبارات وأسال الله تعالى أن ينفعني وإياكم بها: أولاً: الاستعانة بالله والتوكل عليه والدعاء بالتوفيق والنجاح.. ثانياً: التفاؤل بالنجاح والحذر من (التفكير السلبي)، والسقوط فريسةً للمخاوف من الفشل، فذلك يؤدي إلى اهتزاز ثقة الطالب بنفسه. ثالثاً: العمل الجاد من أجل تنظيم الوقت بطريقة مناسبة، تُراعي فيها تقسيم وقتك بين الدراسة الجادة واستقطاع بعض الوقت للراحة بين كل فترة وأخرى، والبدء بالمواد الدراسية حسب أهميتها، ووضع جدول للمذاكرة يعتبر خطوة ضرورية وهامة جداً رابعاً: اختيار المكان المناسب للمذاكرة من حيث التهوية والإضاءة، وتنظيم الكتب والمذكرات بشكل يسهل الرجوع إليها، والجلوس بوضعية صحيحة ومريحة وتهيئة الجو المحيط بالطالب، وضرورة أن يكون مريحاً يمتاز بالهدوء وعدم الانشغال بأمور أخرى. خامساً: الابتعاد عن السهر الزائد، وأخذ الكفاية من النوم والراحة فذلك مما يساعد على الاستذكار، فلا تخدع نفسك وتواصل السهر حتى موعد الاختبار, لأنك بذلك تكون قد استنفدت جميع طاقاتك الذهنية والجسمية التي أنت بحاجة إليها للتركيز بها في الاختبار لكي تقوم بحله بسهولة ويسر, والحرمان من النوم أثره مروّع ومدمّر فهو يفقدك التركيز في الاختبار والقدرة على استيعاب واسترجاع المعلومات, وتحليلها ودمجها, وكذلك الذي يواصل السهر فإنه ينتظر الاختبار بفارغ الصبر, ويعاني من التذمر والقلق والإحباط والإرباك, والألم النفسي وضعف الذاكرة حتى يؤدي الاختبار كيفما اتفق لكي يعود إلى المنزل ليعوض نقصه من النوم. سادساً: الحرص على التغذية المناسبة لأن الجوع والإرهاق الجسماني من أهم ما يجعل الطالب غير قادر على التحصيل والمذاكرة. سابعاً: البعد عن المؤثرات الخارجية كافة التي تشغل عن المذاكرة، مثل الضوضاء الناتجة عن المذياع أو الأشياء التي قد تستقطع جزءاً مهماً من وقت الطالب، خصوصاً وسائل الاتصالات. ثامناً: الحرص على الانضباط في الحضور قبل موعد الاختبار بوقت كاف، وبعد الخروج من الاختبار يجب عدم مقارنة أو مراجعة الإجابة مع أحد، بل يجب الاستعداد لليوم التالي. تاسعاً: لا تنس قبل البداية في حل الأسئلة الاستعانة بالله والتوكل عليه، ثم اقرأ كل التعليمات والأسئلة الواردة في ورقة الأسئلة قبل الشروع في الإجابة. وإذا احتوت ورقة الامتحان على أسئلة اختيارية فمن الأفضل قراءة جميع الأسئلة قبل الشروع في الحل. وقد يندفع الطالب إلى الإجابة بسرعة وهي عادة قاتلة؛ لأنه عادةً ما يخطئ في قراءة السؤال أو يسيء فهم التعليمات. وبمقدورك الإجابة عن الأسئلة حسب تفضيلك لها، فتبدأ بالأسهل أولاً. لا تترك سؤالاً بدون إجابة بل حاول واجتهد فهذا أفضل من تركه. وإذا كانت الإجابة تعتمد على السرد (تعبير أو شرح فقرة)، فمن الأفضل أن تحدد النقاط الأساسية التي ترغب في تضمينها في إجابتك، وهذه الطريقة تساعدك على عدم تجاهل أي نقطة أثناء تدفق الكتابة. وإذا احتوت ورقة الاختبار على أسئلة ذات إجابات اختيارية متعددة، وعجزت عن التعرف على الإجابة الصحيحة، فحاول تخمين الإجابة، فهذا أفضل من لا شيء. ختاماً أسأل الله تعالى للجميع التوفيق والنجاح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية