لا يفوتنا أن نتذكر خطابه الشهير - حفظه اللّه - الذي وجّهه للمواطنين والمواطنات بمناسبة البيعة الأولى عام 1426 هجرية، واختزل فيه كل ما يريده الحاكم من المحكوم وما يريده المحكوم من الحاكم، حيث يعد بحق وثيقة تاريخية مهمة رسمت العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ووضحت الأهداف والغايات، وحددت معالم الطريق نحو المستقبل في السياستين الداخلية والخارجية وعبرت عن الطموحات والآمال، كما يعد خطة عمل للمرحلة المقبلة، حيث إنه عند قراءة مضامين هذا الخطاب تظهر مبادئ الملك عبداللّه في العمل؛ كتأكيده - رعاه الله- على خدمة المواطنين كافة بلا تفرقة ليشمل بذلك الإصلاح الجميع رجالاً ونساءً، وفي جميع المناطق، وفي قوله: أعاهد اللّه أولاً ثم أعاهدكم أن اتخذ القرآن دستوراً والإسلام منهجاً وتأكيد وإعلان للعالم باستمرار هذه الدولة على نهج المؤسس على الرغم من الهجمات الشرسة التي تواجهها وعلى الرغم مما يحاك ضد الإسلام، وأن المملكة لن تحيد عن ذلك مهما كان، ومما تضمنه خطاب البيعة أيضاً تأكيده - رعاه اللّه - على أن يكون شغله الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة وفي ذلك دلالة على مواصلة طريق الإصلاح في البلاد على مختلف النواحي وتأكيد العدل بين أفراد الشعب دون تفرقة، إذ جاء نص الخطاب كما يلي: «بسم اللّه والحمد اللّه والصلاة والسلام على رسول اللّه أيها الاخوة والأبناء المواطنون والمواطنات السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.. اقتضت إرادة اللّه - عزّ وجل - أن يختار إلى جواره أخي العزيز وصديق عمري خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - تغمده اللّه برحمته وأسكنه فسيح جناته - بعد حياة حافلة بالأعمال التي قضاها في طاعة اللّه - عزّ وجلّ - وفي خدمة وطنه وفي الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية. في هذه الساعة الحزينة نبتهل إلى اللّه - عزّ وجلّ - أن يجزي الراحل الكبير خير الجزاء عمّا قدمه لدينه ثم لوطنه وأمته وأن يجعل كل ذلك في موازينه وأن يمنّ علينا وعلى العرب والمسلمين بالصبر والأجر. أيها الأخوة.. إنني إذ أتولى المسؤولية بعد الراحل العزيز وأشعر أن الحمل ثقيل وأن الأمانة عظيمة استمد العون من اللّه - عزّ وجلّ - وأسأل اللّه سبحانه أن يمنحني القوة على مواصلة السير في النهج الذي سنه مؤسس المملكة العربية السعودية العظيم جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب اللّه ثراه - واتبعه من بعده أبناؤه الكرام - رحمهم اللّه - وأعاهد اللّه ثم أعاهدكم أن اتخذ القرآن دستوراً والإسلام منهجاً وأن يكون شغلي الشاغل احقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة ثم أتوجه إليكم طالباً منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة وألا تبخلوا علي بالنصح والدعاء. واللّه أسأل أن يحفظ لهذه البلاد أمنها وأمانها ويحميها ويحمي أهلها من كل مكروه ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم .. والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته». خادم الحرمين الشريفين.. ونحن نعيش الذكرى التاسعة لمبايعتك يحفظك الله، يسرنا أن نقول بكل فخر واعتزاز: لقد بايعناك وعاهدناك، كما بايع آباؤنا وأجدادنا آباءك وأجدادك، وها نحن اليوم نجدد لك البيعة والعهد بالسمع والطاعة، ونقول أيضًا: لقد عاهدتنا وتعهدت لنا ووعدتنا يا خادم البيتين ووفيت بل وزدت أدامك الله، وقد أكدت لنا السنون الماضية بما لا يدع مجالاً للشك صدق النوايا ووفاء الحاكم، وها نحن اليوم معك يدًا بيد أيها الزعيم والقائد العظيم، نشيد في عهدك الميمون وتحت قيادتك الحكيمة نهضة نوعية متنوعة غير مسبوقة، ونبني قوة مادية ومعنوية رادعة يهابها الأعداء، ونصنع عزة ورفعة وسؤددًا للوطن والمواطن تتمناها الأوطان والشعوب، نسأل الله دوامها علينا وعليك وعلى جميع أفرد الأسرة المالكة بالصحة والأمن والاستقرار. ودمت لنا وللوطن وللإسلام والمسلمين ذخرًا. وكل عام تمر فيه علينا هذه الذكرى المجيدة وأنت ونحن والوطن بخير..!