نشاهد في بعض البرامج التلفزيوينية الوثائقية معلومات مذهلة عن الدور الذي يلعبه الطب البديل، أو العلاج الشعبي، في بلد مثل الصين وهو البلد الذي يضم جامعات حديثة وكليات للطب تُدَرِّس أحدث النظريات والمعلومات الطبية المتقدمة. في الصين وفي بعض البلدان الأخرى يتم تدريس الطب البديل جنباً إلى جنب مع الطب الحديث. وهذا يعني أن هناك اقتناعاً بأهميته وفائدته على الرغم من أن الكثير من الأطباء، وربما معظمهم، يتشككون وأحياناً يحاربون الطب البديل بسبب التجاوزات التي تحدث من قبل بعض مارسيه. لكنك لا تستطيع أن تقنع مريضاً جرَّب الطب البديل واستفاد منه بعد أن طرق عيادات الطب الحديث والمستشفيات التي تغص بكبار الاستشاريين وبالمعدات الطبية الحديثة ولم يجد علاجاً لما يشكو منه! أنت لا تستطيع أن تقنع مثل هذا المريض بأن الطب البديل ليس إلا خرافات متوارثة لا جدوى منها في زمن المختبرات الصيدلانية التي تحلل مكونات الأدوية وتحدد الاختلاطات المحتملة الناجمة عن تلك المكونات التي قد تكون قاتلة في بعض الأحيان إذا لم يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة ومعرفة التاريخ المرضي لمن يتعاطاها ونوعية الأدوية التي يتعاطاها في الوقت الحاضر وغير ذلك من المعلومات التي لا يهتم بها بعض المعالجين الشعبيين. ومعروف أن المريض الذي يفشل في العثور على العلاج المناسب لدى المستشفيات الطبية الحديثة يصبح مثل الغريق الذي يبحث عن «قشة» لكي يتعلق بها. ومعروف أيضا أن لدينا قناعات اجتماعية متوارثة ومتراكمة في هذا المجال يلخصها القول الشعبي الشائع «اسأل مجربا ولا تسأل طبيبا»! ولذلك لا يمكن إلغاء دور الطب البديل لمجرد أن هناك تجارب فاشلة أو حتى قصصاً مأساوية لمن تعالجوا لدى بعض المشتغلين بالطب البديل، وخاصة في ظل المعاناة التي يعرفها الكثير من المواطنين حين يحاولون الحصول على الخدمة الطبية لدى المستشفيات المتخصصة الكبيرة التابعة لوزارة الصحة أو للجهات العسكرية. لذلك كان قرار إنشاء «المركز الوطني للطب البديل والتكميلي» في المملكة قراراً صائباً وذلك لترشيد استخدام الطب البديل والتكميلي، وقد لفت انتباهي الإعلان التحذيري الذي نشره المركز في جريدة الجزيرة في عددها الصادر يوم الأحد الماضي 20 جمادى الأولى 1435 حيث حذَّر المركز من أدعياء المعالجة بالطب البديل والتكميلي الذين يستخدمون رسائل دعائية مضللة للترويج لممارساتهم التي لا يوجد أساس علمي لها، وأوضح أنَّ بوسع كل من يستخدم منتجات هؤلاء الممارسين الاستفسار من المركز عما يحتاج إليه من معلومات على الموقع الإليكتروني للمركز www.nccam.gov.sa أو على الفاكس (0114709602). أتمنى من المركز الوطني للطب البديل والتكميلي أن يكثف جهوده التوعوية عن طريق وسائل الإعلام من صحافة ورقية وإلكترونية ووسائل تواصل اجتماعي وتلفزيون وغيرها. فالطب البديل والتكميلي هو خلاصة تجارب إنسانية عبرت الحدود والثقافات والحضارات على مدى قرون طويلة وانتقلت من مجتمع لآخر واستفاد الناس منها في السابق وفي الحاضر، ويمكن تعميق الاستفادة من الطب البديل كثيراً بشرط مكافحة الممارسات الخاطئة والمضللة وترشيد استخدامه. وقد اطلعت على مجموعة من الكتب والمطبوعات الجيدة التي أصدرها المركز وكذلك مجلته التوعوية، ويمكن الاستفادة منها بشكل أفضل لو تم استخلاص رسائل موجزة ونشرها عن طريق وسائل مثل تويتر وغيره.