يتلذّذ المرء بحق حينما يقرأ أو يسمع أو حتى يتكلم عن الإبداع ومفهومه والوسائل المعينة عليه ولعلي أعرّج بإيجاز على مفهوم الإبداع في اللغة والاصطلاح. أما في اللغة: - فالإبداع هو اسم من الفعل أَبدَع، فيقال أبدع الصائغ، أي أجاد وأتقن، وأبدع بمعنى: أَتَى البديع. أما في الاصطلاح، فقد تعددت المعاني لمفهوم الإبداع، ولكن يمكن القول بأنه: حالة عقلية بشرية تنحو لإيجاد أفكار أو طرق ووسائل غاية في الجدّة والتفرّد، بحيث تشكّل إضافة حقيقية لمجموع النتاج الإنساني، كما تكون ذات فائدة حقيقية على أرض الواقع. والإبداع المعني هنا هو الإبداع البشري والذي أقصد به باختصار كل إنسان أبدع في علم من العلوم أو في مجال من مجالات الحياة وأخص هنا المجالات العملية. أما عن الطرق المؤدية إلى الإبداع فمن وجهة نظري أرى أن الإبداع البشري حتى يرى النور لابد أن يتحلى صاحبه بالآتي :- 1- الثقة 2- الإرادة. 3- العزيمة. 4- الاستمرارية. لاشك أن كل تلك الصفات إذا ما توفرت في إنسان تجلى الإبداع وأبهج صاحبه والمجتمع بنتائجه و آثاره. إن مجتمعنا ولله الحمد يزخر بالنماذج الشابة المبدعة التي تتحلى بكل صفات الإبداع، وتسعى إلى الوسائل التي تعين عليه.، إنك حينما ترى هذه النماذج ينشرح صدرك وتطمئن لمستقبل أمتك، كيف لا؟! وأنت تعلم أنهم مشغولون بما فيه خير ومنفعة لهم ولمجتمعهم، ويكون الإبداع أجمل والسعادة أعمق عندما تفوح رائحتهما العطرة من قريب أو صديق، فتشم شذاهما الفواح وتفرح به . إنني أجدها مناسبةً جميلةً وشريفةً لي وللمجتمع لأن أسوق لكم نموذجاً مميزاً للإبداع لامسته شخصياً، إنها رفيقة الدراسة والأخت العزيزة سهام صالح القفاري، والدة بدر الجبعان ،_ وإن كانت شهادتي مجروحة كما يقال_ الشابة التي بعد أن أنهت دراستها الجامعية بفترة ليست بالقصيرة بدأت تفكر في ممارسة العمل الحر، ووجدت أن مشروع بيع بعض أصناف الشوكولاتة التي كانت تصنعها هي نقطة الانطلاقة، فكان ذلك عام 1431ه، وكان البيع مقصوراً على الأهل والقريبات، إلى أن افتتحت بعدها المحل التجاري في منطقة القصيم التي كانت تقطن فيها عام 1433ه، وكانت آنذاك الشوكولاتة الرائجة بين العديد من الأهالي في تلك المنطقة، حيث المناسبات والأعياد التي تتطلب توفر مثل هذه الأصناف المميزة، كما أضافت إليها بعض الأصناف المستوردة تلبية لاحتياجات سوق العمل. لم تقتصر سيدة الأعمال سهام على ذلك، ففي نفس العام - وبكل ثقة وإرادة - تقدمت إلى جائزة الشاب العصامي برعاية صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور / فيصل بن مشعل نائب أمير منطقة القصيم، ونالت جائزة المركز الأول عن الفئة التجارية. كما تقدمت في العام الذي يليه (أي عام 1434ه ) إلى جائزة الإصرار التي كانت من مبادرات صندوق تنمية الموارد البشرية وطاقات للتنمية البشرية، ورُشّحت ضمن أفضل أربعين قصة نجاح من بين أكثر من مائتي قصة نجاح معروضة . لقد كانت ولازالت أحد رموز الإبداع في مجتمعنا . الجدير بالذكر أنها مطلع هذا العام تُشرف بشكل مباشر على تشغيل مصنع لإنتاج الشوكولاتة والحلويات العربية، وتتولى بنفسها تدريب مشغلي المصنع، الذي تم تشغيله حتى الآن بنسبة 40%. وهي الآن عضو لجنة سيدات الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة القصيم. ألف تحية تقديرِ وإجلالِ للسيدة سهام ولمن على شاكلتها، وسدّد الله كل من خدم نفسه ووطنه تحت ظلال شريعة الله عز وجل . إن النماذج كثيرة، والإبداعات مشرقة، والفرص متلهّفة، فهل من مُشمّر ؟ّ!