لعل أشهر رؤساء أمريكا السابقين هو جون كينيدي والذي اغتيل عام 1963م، فأصبح بذلك رابع رئيس أمريكي يُقتَل بعد أبراهام لينكون وجيمس غارفيلد وويليام ماكينلي، والأمريكان يحبون جون كينيدي كثيراً، ومن أسباب ذلك أنه أحسَنَ التعامل مع أزمة الصواريخ الكوبية التي كادت تشعل الحرب بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، وأعجبهم فيه زَرْعُه للأمل داخلهم لما وعدهم أنَّ أمريكا ستضع رجلاً على القمر (وهذا تحقّق بعد مقتله بست سنين) وكذلك عبارته الشهيرة التي بَرَزت من خلال خطبته الاستهلالية عقب اختياره رئيساً لما قال: لا تسأل دولتك عمَّ يمكن أن تقدّمه لك، بل اسأل نفسك عمَّ تقدر أنت أن تقدّمه لها. ورغم شهرته والعدد الهائل من الكُتُب والمقالات والأفلام التي وُضِعَت عنه إلا أن الكثير من الناس يجهلون معلومة عجيبة عنه، تَحكيها حبةٌ من جوز الهند موجودة الآن في مكتبته الرِّئاسية، فماذا تقول هذه الثمرة؟ إذا أخذتَ جوزة الهند هذه في يدك وتأمّلتَها رأيت فيها نقوش أحرف انجليزية، ولهذه الأحرف قصة عجيبة. لما كان كينيدي جندياً في الحرب العالمية الثانية كان قائداً لقاربٍ حربي في المحيط الهادئ ويتزعّم عدة جنود، ومهمتهم أن يطوفوا ليقاوموا السُفُن والقوارب اليابانية، وذات مرة في ليلةٍ غير مُقمِرة كان كينيدي وجنوده على القارب وقد أطفأوه - لئلّا تكشفهم الطائرات اليابانية – فسمعوا صوتاً عالياً ولما التفتوا وإذا بهم يرون سفينة اليابانية تُبحر نحوهم بسرعة وقد انتهَت من إفراغ حمولتها من الجنود والمُؤَن على أحد الشواطئ، فتقافز كينيدي وجنوده ليشغّلوا المحرك ويفرّوا عن طريق هذا العملاق السابح نحوهم، غير أنه لم يكن لديهم كثيرُ وقت، فضربتهم السفينة وقسمت قاربهم نصفين (لا نعلم إذا كانت السفينة تقصد هذا أم أنها لم ترَهم)، فتعلقوا بخشبة وأخذوا يدفعون الماء بأقدامهم، لكنهم لم يستطيعوا أن يصلوا أقرب جزيرة لهم لأن اليابانيين عسكروا فيها وفي كل الجزر المجاورة، فاضطروا أن يُبحروا (بالركل!) لأول جزيرة خالية من الجنود اليابانيين خلال منطقة عُرِفَت بأسماك القرش والتماسيح، وأبحروا بهذه الطريقة البدائية مسافة خمسة كيلومترات ونصف الكيلومتر إلى أن أصابوا غرضهم وهي جزيرة صغيرة قُطْرها 90 متراً فقط، ولحسن حظهم لم تهاجمهم وحوش البحر تلك. حطّوا رحالهم هناك، ورأوا أن الجزيرة ليس فيها طعام ولا ماء، وكانت تمُر بها السفن الحربية اليابانية كثيراً ويضطرون أن يختبئوا، فقطع كينيدي وحده مسافة طويلة باحثاً عن جزيرةٍ أصلح للحياة حتى وجد جزيرةً مناسبة بعد 4 كم، وكم فرحوا بالماء العذب وثمار جوز الهند التي وجدوها هناك التي حفظتهم من الموت عطشاً وجوعاً. بعد ستة أيام عثر بعض سكان الجزر المجاورة على الطاقم المحصور وتطوعوا أن يسلِّموا رسالة لقيادتهم، فنَقَشَ كينيدي رسالة على جوزة هند ذكر فيها اسم الجزيرة وأنه قائد الفريق وأن مُسلِّم الرسالة يعرف موقعهم وأن هناك 11 ناجياً وأخيراً طلب منهم قارب نجاة وذيّلها باسمه، وأُوصِلت الرسالة للقيادة وأنقذوهم من الجزيرة في رحلةٍ خطرة – لأن المياه مليئة بالقوات اليابانية ودورياتها-، وهكذا نجا كينيدي وجنوده، وصار رئيس أمريكا بعدها بعشرين سنة. اليوم جوزة الهند هذه وُضِعَت في زجاجة ويَقدِر كل من يزور مكتبة جون كينيدي في مدينة بوسطن أن يراها والرسالة التي عليها، والتي تحيي ذكرى هذه القصة الفريدة.