إن من يقوم بالتجوال في بلاد عسير والقنفذة وما والاها من نواحي محافظة العُرْضِيّات وحلي والبرك يشاهد مواطن الرعي والزراعة والقرى الأثرية القديمة فيرى آثاراً باقية من طرق قوافل الجمال، ويرى تلك الطرق البرية التي كانت آنذاك تربط بين السراة وتهامة. وتربط أيضا الإصدار والمنحدرات والمرتفعات الغربية بساحل ميناء القنفذة وبعض موانئ عسير. وقد وجدت أن الفترة التي تقع بين عامي 1289ه حتى سنة 1337ه جديرة بالبحث والدراسة وجمع مادة مقال لا بأس بها. تتحدث عن تلك الطرق وتتتبعها وتقيس مسافاتها ولعلنا هنا وقبل أن نتحدث عن طرق القوافل القديمة نورد نبذة عن ميناء القنفذة بين عامي 1289 و1337ه لكونها أهم موانئ متصرفية عسير والقوافل ترد إليها جيئة وذهاباً. وتسلك الطرق التي سنتحدث عنها بالتفصيل،. القنفذة في ذلك الوقت مدينة صغيرة مسورة بخليج يحميه جزيرة وكانت القنفذة نشطة تجارياً في هذا التاريخ تستقبل السفن التجارية المحملة بالبضائع القادمة من عدن ومصوع والحجاز. وتأتي إليها الجمال من تهامة والسراة محملة بالحبوب والجلود، وتعود هذه الجمال من ميناء القنفذة محملة بالأقمشة والبن والتوابل وغيرها، وقد ساهم ميناء القنفذة في إثراء الحركة التجارية في المنطقة في ذلك الوقت. أما بالنسبة لوسائل النقل في تلك الحقبة في بلاد عسير وبلاد العرضيات فكانت تسلك طرقا وعرة بحسب الطبوغرافية الجبلية لتلك البلاد وتشكل وسائل النقل أهمية كبيرة لنشاط السكان وبواسطتها تجلب المنتجات إلى المراكز والأسواق وتلك الوسائل هي وسائل حيوانية من الجمال والبغال . وكانت تلك الأجناس متأقلمة مع بيئة وطبوغراغية إقليم تهامة والسراة وكان لتلك الحيوانات قدرة فائقة على تسلق الجبال والصعود إلى أماكن مرتفعة والهبوط إلى أماكن منخفضة ذات انحدارات عالية بسبب أن جمال هذه البلاد ذات أحجام صغيرة وذات أخفاف صغيرة وتأخذ أخفافها شكل الاستطالة ولم تكن بحجم جمال بلاد نجد ذات الخف الكبير المفلطح هذا من جانب،. وبالحديث عن طرق القوافل فلعلنا نوضح الطرق التي تربط أبها لكونها عاصمة المتصرفية بالبلدات والنواحي التابعة لها وتربط القنفذة لكونها ميناء رئيسا للمتصرفية وهي على النحو التالي: 1 - طريق العرضية- القنفذة : طول هذه الطريق قرابة 111 ميلاً، تنطلق من العرضية باتجاه الشمال الغربي وتمر بعدة قرى حتى تصل إلى بلاد بلعريان ثم تسير شمالاً إلى وادي قنونا ثم تسلك طريقا وعرة حتى تصل إلى وادي بطاط وعندما تخرج من غامد الزناد تصل إلى حوائط عمودية شديدة الانحدار يبلغ ارتفاعها قرابة 3000 قدم وتقع هذه الحوائط على جانبي الطريق، ثم تصل بعد ذلك إلى المخواة، وتنحرف الطريق عند الخروج من المخواة إلى جهة الغرب حتى تصل إلى طريق صخرية. يقع في الشمال منها قمتان يصل ارتفاعها إلى 8000 قدم هي جبل شدا اليماني وشدا الشامي، تستمر هذه الطريق حتى تصل إلى وادي الأحسبة وهي ديار الأشراف العبادلة حيث يسكنون في السهل الساحلي من هذا الوادي، تستمر هذه الطريق غرباً حتى تصل إلى المضيلف وسكان المضيلف من قبيلة زبيد ثم تنعطف الطريق إلى جهة الجنوب بمحاذاة ساحل البحر حتى تصل إلى القنفذة. وهناك طريق آخر يربط العرضية بالقنفذة غير هذه الطريق ولكن الأول يعد السير فيه سهل ومأمون. 2 - طريق أبها- محايل : وطول هذه الطريق قرابة 64 ميلاً تتجه من أبها إلى الجهة الشمالية وتمر بعدة قرى إلى أن تصل إلى جبل شعار ومنه تنعطف هذه الطريق غرباً وشمال غرب ثم تنحدر عبر عقبة شعار (وشعار تحمل هذا الاسم حتى يومنا هذا) وتمر هذه الطريق قبل أن تصل إلى محايل بوادٍ يقال له وادي تيه، ثم تسلك مناطق مقفرة حتى تصل إلى قضاء محايل. 3 - طريق محايل- القنفذة (تسمى طريق البرك): ومسافة هذه الطريق 106.5 أميال، وبدايتها من محايل تتجه إلى شمال غرب وتمر ببلاد آل موسى وقرية آل مصبّح مروراً بوادي بكر حتى تدخل البرك وتصل إلى سوق الجمعة وتستمر هذه الطريق حتى تصل قرية يقال لها حصام ثم بعد حصام هذه تنعطف الطريق غرباً حتى تصل «غار الهندي» مروراً بديار يسكنها قبائل رحّل إلى أن تصل إلى جمعة ربيعة حتى نهاية حدود ربيعة المقاطرة ثم تستمر إلى أن تصل قرية القوز (قوز بالعير) ثم تستمر الطريق حتى تصل إلى بلدة أحد بني زيد ثم تمر بعدد من القرى حتى تصل إلى قضاء القنفذة. 4 - طريق محايل- القنفذة (وتسمى سكة الحلاوية): ويبلغ طول هذه الطريق ما يقارب ال 86 ميلاً وتنطلق من قضاء محايل حتى قرية مصبّح مروراً بقرى صغيرة حتى تصل إلى موضع يقال له سبت العمور وتتجه هذه الطريق نحو الشمال الغربي مارة بديار البدو الرحّل حتى تصل إلى قرية القوز ثم تقابل طريق البرك ثم القنفذة. 5 - طريق بلجرشي - القنفذة: وتتجه هذه الطريق غرباً بداية من بلجرشي وتنحدر مع عقبة حزنة إلى أن تصل إلى المخواة ثم تتجه غرباً نحو الاحسبه وتمر بوادي قنونا ثم تسير إلى المضيلف ثم تتجه جنوب غرب حتى تصل ميناء القنفذة. 6 - طريق أبها- الطائف: وتبلغ مسافة هذه الطريق قرابة 278.5 ميلا، وتنطلق من أبها إلى جهة الشمال حتى تصل إلى شعار ثم تمر ببلاد بللحمر وبللسمر ثم تصل إلى تنومه ثم النماص وتتجه شمالاً مروراً ببني عمرو ثم تصل إلى سبت العلايا في بلاد بلقرن ثم إلى خثعم حتى تصل إلى شمران . وبعد ذلك تدخل إلى بلاد غامد الشرقية حتى تصل إلى الباحة وتمر بالقرى حتى تصل إلى قبائل زهران ثم تتجه شمالاً وتصعد هذه الطريق حين تتجه إلى الشمال ثم تصعد إلى شمال غرب حتى تصل إلى بلاد بني مالك وبني سعد حتى تصل إلى الطائف. 7 - طريق أبها - بيشة : ويبلغ طولها 154.5 ميلاً ، وبداية هذه الطريق من أبها ثم حجلا إلى أن تصل سوق خميس مشيط وعند الخروج من خميس مشيط تتجه هذه الطريق إلى بني بجاد من قبيلة شهران مروراً بالصحراء حتى قرية رشده ثم تمر بمنطقة خاليه من المياه حتى تصل قرية الروشن ثم بعدها قرية نمران حتى تصل إلى بيشه.