قيل إن تعريف الإعلام اصطلاحاً هو: (عملية نقل الخبر أو وجهة النظر أو كليهما من طرف إلى طرف آخر). ومن هذا المنطلق تتشعب ردود الأفعال والقناعات والتصديق والتكذيب للمادة الإعلامية. لكن كل ما يصاحب هذه العملية يجب أن يكون مرتكزاً على (حدث فعلي)، يتم نقله ومناقشته وتبادل وجهات النظر تجاهه. أما غير ذلك فهو مجرد هراء محض له ما له من مآرب وأهداف لا تمت لشرف الإعلام بصلة. المتلقي السعودي بشكل عام والرياضي بشكل خاص أدمن التفكير التحليلي لسبر أغوار الخبر وما وراء الخبر، ولم يعد يكتفي بالأخبار كمعلومة مجردة، بل أصبح يجزم وبلا شعور أن وراء كل خبر (بلا استثناء) مؤامرة محبوكة أفضت لولادة هذا الخبر. ونتيجة لذلك، نشأت ساحة كاملة تتبارى فيها الألسن مستعرضة فيها مدى طولها، ومقدار جرأتها، ومستوى سلاطتها. وإن استدعى الأمر اختلاق كذبة، أو افتراء فرية. ومثل هذه الساحات التي لا يضبطها شيء، ولا هم لفرسانها سوى زيادة ترديد أسمائهم (مدحاً أو قدحاً، لا يهم)، تهدّد بشكل مباشر كل القيم والأعراف السامية التي يجب أن تغذى وترعى بشكل خاص ليجني ثمارها المجتمع بشكل عام. فالكذب البواح أصبح مباحاً، والتشكيك في الذمم أصبح رؤيةً، والإساءة والانتقاص أصبحا رأياً يجب أن يُحترم. قال خير البريّة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (الحياء شعبة من الإيمان). ولم تذكر هذه الصفة إلا لعظم شأنها وعلو مكانتها، أفلا يستحي من استمرأ إثارة الفتن وسهولة الكذب، من ربه قبل كل شيء، ثم من مجتمعه وأهله؟ عجيب جداً هذا الإصرار المستمر على قباحة اللسان والمنطق، والأعجب من ذلك أن مثل هذه النوعيات من البشر يكاد ينفجر من شدة الزهو بنفسه بعد أن رمى بكل الأخلاق عرض الحائط، وأضحك قليلاً من الصبية على منافس أو زميل أو شخص قليل الحيلة. أي صورة تلك التي يريدون أن يظهروا أنفسهم بها؟ ألا يملكون بعض الأنانية ليتغلبوا بها على كراهيتهم للغير ليفوزوا باحترام ذواتهم؟ الله المستعان. (هلال آسيا) نقطة يتيمة تحصل عليها الهلال من أصل ست كانت في متناول اليد. فبين تفريط في لقاء وإفراط في آخر، أدخل الهلال نفسه في دوامات الحسابات مبكراً جداً. (الهلال وآسيا) هي قصة ملحمية طويلة الفصول، وكما هي طبيعة الملاحم التاريخية، فإن العقبات والإحباطات ستكون ملازمة لأحداث هذه المسيرة دوماً. وفي النهاية لا بد للبطل أن ينتصر. هكذا تعلمنا من كل القصص التي قرأناها أو رويت لنا. لكن اللافت للنظر أن هذا البطل قد استولت عليه مشاعر (الآلام والتجريح) بحيث أدمن السقوط وأصبح جزءاً لا يتجزأ من مسيرته. خوف لا مبرر، وتراخ لا يصدّق أمام فرق تقله تاريخاً وحاضراً، جعلت من كبير القوم (صاحب النظرة الخجولة)، وأوهمت لاعبيه بأنهم ضيوف (بهو فندق) يجب عليهم مغادرته في أقرب فرصة. فمع كل مشاركة آسيوية، تزداد الأعذار ضعفاً، وينخفض سقف الطموحات. فمن يخطر على باله أن يصل الحال بزعيم القارة أن يدرس احتماليات خروجه من دور المجموعات؟ ومن يخطر على باله أن يُقال على مارد القارة: صحيح خسرنا لكنن قدمنا مستوى جيداً! (عجب عجاب)، هو ما يحصل في الهلال. فالهلال يئن من الداخل مهما حاولوا تزيينه من الخارج. قلعة الفرح أصبحت تتخبط في أمواج الكآبة والركود القاتل. طموح (كبير القوم) يضمحل موسماً بعد آخر، وإن حاول القائمون عليه تصوير الأمور بعكس واقعها. ليس للهلال من حل (بعد أمر الله) سوى تغيير من الجذور يقتلع كل هذه الرتابة والخنوع الذي بدأ يتحول لسمة من سمات وجهه الجميل. سيستمر الهلال في الدوران في هذه الحلقات المفرغة ما دامت إدارته غير قادرة (أو راغبة) على إخراجه منها. فليس من المنطق أن تعيد كل ما تفعله سنة بعد سنة، وتأمل بنتائج مختلفة. ألم يعوا أن (نبض الشوارع) يزداد أنينه يوماً بعد يوم؟ أم أن هذا الأنين له وقعٌ جميل على مسامعهم؟ (مذهلة) هذه المرحلة من عمر الزعيم، وليس كل ذهول مغلفٌ بالإعجاب. بقايا... - تم التجديد لعبدالعزيز الدوسري مع الهلال ليس اقتناعاً بمستواه، بل لسد الطريق على انتقاله لمنافس ما. أرقام اللاعب سيئة جداً مقارنة بعدد مشاركاته، وعلى الرغم من هذا يعتبر أغلى لاعب سعودي إذا ما صحت الأخبار عن قيمة عقده. - في الشوط الثاني من لقاء الهلال وسباهان تم إرسال أكثر من عشر كرات خلف ياسر الشهراني نتج عنها هدفان قلبا نتيجة اللقاء من فوز إلى خسارة. العجيب أن هناك من لام ياسر، وتغاضى عن سامي الذي لم يحرّك ساكناً. - في أولمبي الهلال مواهب تستطيع تهديد نجوم (الشو) في الفريق الأول، بل تسحب البساط من تحت أقدامهم. عدم الاستعانة بهم يثير الاستغراب بشكل كبير! - خالد الغامدي يمر بمرحلة ترهيب إعلامي وجماهيري لم يسبق لها مثيل. فكيف سيكون حاله لو لم يتم انتقاله من النصر؟ هل يكون النصراويون قد أنهوا أحد نجومهم الدوليين بأيديهم؟. لنرى. خاتمة... إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً تقلب في الأمور كما يشاء فمالك في معاتبة الذي لا حياء لوجهه إلا العناء