أطلقت وزارة الإسكان قبل أيام بوابة التسجيل على منتجاتها وفق آليات محدّدة تستهدف منح الأولوية للأكثر حاجة للسكن وهي من أهم الخطوات التي كانت منتظرة منذ تأسيس الوزارة قبل نحو ثلاثة أعوام بالإضافة إلى خطوات بعضها أقرّت والأخرى مازال السوق العقاري ينتظرها كإستراتيجية الإسكان التي تقول الوزارة إنها ستحول القطاع العقاري لصناعة متكاملة تدعمها أنظمة وتشريعات اعتمدت كنظام الرهن والتمويل العقاري. وبرزت أخبار بوسائل الإعلام بأن أسعار الأراضي بدأت بالتراجع بالتزامن مع انطلاق عمليات التسجيل على منتجات وزارة الإسكان وإن كان تأكيد التراجعات يتطلب بناء مؤشرات دقيقة ومن جهات رسمية أو معتمدة حول هذه التراجعات وحجمها إلا أن المؤكَّد أن هناك تأثيرًا بدأ يظهر بالسوق العقاري يتجه نحو تراجع الأسعار ولكن يبقى السؤال: إلى أين ستتجه الأسعار؟ وكم مدى التأثير زمنيًّا؟ والسبب في هذا التساؤل العام هو عدم وضوح باقي الإجراءات المرتقبة من الوزارة فما زال السوق ينتظر القرارات بخصوص ملف الأراضي البيضاء وكيف ستتحوّل إلى مشروعات سكنية وهل ستفرض غرامات عليها في حال عدم رغبة المالك ببيعها أو تطويرها وهل ستقدم محفزات للملاك للإسراع بتطويرها وأيْضًا لا يغيب ملف آخر مهم وهو الآليات التي ستتشارك بها الوزارة مع القطاع الخاص لتنفيذ مشروعات تسارع بزيادة المعروض من الأراضي والوحدات السكنية. فالمطوِّرون العقاريون يحتاجون إلى مظلة تنظيمية لأسلوب الشراكة مع الوزارة تحقق الفائدة لكل الأطراف وبالمقابل المواطن والأسرة عمومًا ينتظرون تطوّرات إيجابيَّة تساعدهم على تملك السكن بتكاليف منطقية ومواصفات مناسبة والوزارة تُعدُّ حاليًّا حلقة الوصل بين كل أطراف السوق مما يضعها بموقع المؤثِّر فعليًّا بكلِّ الاتجاهات القادمة بالسوق العقاري وأي تأخر بحسم هذه الملفات سيربك السوق العقاري ويزيد من جموده لأن المطوّر سينتظر تلك القرارات ليحدِّد اتجاهه القادم سواء بتطوير منفرد ومستقل ولكن يأخذ بعين الاعتبار مواصفات وزارة الإسكان ليتمكن من بيع وحداته على من تمَّت الموافقة لهم على قرض من الصندوق العقاري في حال اعتمدت مخططاتهم ومشروعاتهم من الوزارة كمنتج مطابق للشروط التي تطلب لإحالة المقترض من الصندوق العقاري لهم إذا رغب بذلك أو الدخول بشراكة مع الوزارة كمشروع مشترك كل طرف له مساهمة برأس مال سواء عينية أو نقدية والمواطن ينتظر بنفس الوقت تأثير الإجراءات والقرارات على الأسعار مما يعني أن هناك شريحة واسعة ستؤخر قرار الشراء للأرض أو المسكن حتَّى تتضح الصورة لها كون الأسعار باتت مرتفعة وتشكّل عبئًا كبيرًا عليهم وتُؤثِّر على صافي دخلهم سلبًا في حال اللجوء للاقتراض من بنوك تجاريَّة. ولا يمكن إغفال نظرة القطاع التمويلي للإسكان والعقار عمومًا لأن أيّ تأثير قوي على الأسعار ومفاجئ سيؤثِّر عليهم جدًا نظرًا لحساسية القطاع وحسابات المخاطر عليه ويدلل على ذلك أن نظام الرهن والتمويل العقاري لم يظهر له أيّ أثر حقيقي بالسوق العقارية حتَّى الآن نتيجة التحوط المفرط من قبل البنوك أو مؤسسات التمويل العقاري حاليًّا فمحفظة القروض العقارية مازالت منخفضة جدًا قياسًا بحجم التمويل الذي قدمه القطاع المالي إلى الآن سواء بقياس نسبتها للقروض عامة فهي مازالت تتراوح حول 5 إلى 7 بالمئة من مجمل القروض التي تخطت ترليون ريال أو من نسبة القروض للأفراد التي مازالت تقل عن 20 بالمئة والباقي أغلبها قروض استهلاكية مما يوضح ضعف سوق التمويل العقاري إلى الآن وهذا بدوره يؤثِّر على زيادة المعروض من الوحدات السكنية سلبًا. وزارة الإسكان مما لا شكَّ فيه أنها أصبحت محور التأثير بالسوق العقاري حاليًّا من خلال صلاحياتها وإمكانات التي اعتمدت لها وتحويل هذا السوق الضخم لصناعة قوية يتطلب سرعة في الإجراءات والحلول تخرج عن نمط المركزية إلى الإشراف والرقابة والتنظيم لتفعيل أدوات السوق وأطرافه الفاعلة فيه لتكون الحركة أكثر مرونة والسرعة بزيادة المعروض من المنتجات العقارية أكبر مما عليه الآن، فالأثر لا يقف عند بناء وحدة سكنية بل يتعدّاه إلى كل القطاعات الاقتصاديَّة التي ترتبط بإنشاء مسكن من مقاولات ومواد بناء وتصنيع أثاث وخدمات ماليَّة وتسويق وتأمين وغيرها وما ستنتجه من فرص عمل كبيرة من خلال ضخ استثمارات كبيرة ستسهم بتقليص نسب البطالة وتتيح المجال لنجاح أكبر للمشروعات الصَّغيرة والمتوسطة التي تخدم القطاع العقاري وتستفيد من نشاطه الواسع مستقبلاً والأهم تمكين الأسر على تملك السكن بيسر وسهولة وأسعار مناسبة لدخلها.