تشكل ظاهرة المخدرات.. مرض عضال يفتك بالجسد الاجتماعي، وخطر يهدد أمن المجتمع وسلامته.. بسمومها الفتاكة، وآفتها الخطيرة، وهي قضيه عالمية أخذت شبكتها في الانتشار، وأبعادها الاجتماعية والأمنية والاقتصادية والنفسية والصحية باتت تهدد المجتمعات وأنساقها, ولذلك تعتبر هذه الظاهرة المزمنة من أعقد الظواهر التي تواجه (اليوم) المجتمعات في العالم سواء كان المجتمع متقدماً أو نامياً, وهي ليست أقل خطورة من مشكلة الإرهاب!!, وقد أثبتت الأبحاث الاجتماعية والدراسات العلمية إن هذه الآفة الخطيرة تشل إرادة الإنسان وتذهب عقله وتدفعه بالتالي إلى ارتكاب الجرائم والانحراف الاجتماعي،كما تحدث شرخاً عظيماً في البناء الأسري فينشأ العنف والشقاق والخلافات والعداوة والبغضاء والمنازعات وكثير من المشكلات الاجتماعية, التي ربما تلقي بظلالها على المجتمع إذا اتسعت دائرتها المظلمة.. فيصبح مجتمعاً مثقلاً بهمومه وأمراضه ومثالبه.. يسوده التمزق والكساد والتخلف, وتعمه الفوضى, هذا فضلاً عن الأضرار الصحية والنفسية التي تتمخض من رحم هذه الآفة الخطيرة، وهي وكما ذكرتها منظمة الصحة العالمية «أن المخدرات وموادها المحظورة تؤدي إلى الإصابة بمرض الذهان (اختلال العقل)، ومرض الاكتئاب، والقلق، والمخاوف المرضية والعزلة،كما يؤدي الإدمان على المخدرات في معظم الحالات إلى الإصابة بالغرغرينا, وبالتالي قطع أطراف اليدين أو الرجلين، كما تسبب إتلاف الكبد، حيث إن بعض المواد المخدرة تسهم في تحليل خلايا الكبد وتسبب أيضاً التهاب المعدة، وبالتالي تعجز عن القيام بوظائفها, كما تسبب التهاب وتأكل ملايين الخلايا العصبية التي تكوّن المخ مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة والهلاوس السمعية والبصرية والفكرية, بالإضافة إلى حدوث اضطرابات القلب, وارتفاع ضغط الدم وانفجار الشرايين, والسكتة الدماغية»..كما أثبت الأطباء أن (المخدرات) سبب جوهري لإمراض السرطان ونقص المناعة، (الإيدز). * والأكيد أن مجتمعنا الرياضي وهو جزء من نسيج مجتمعنا الكبير الذي يعيش مرحلة شبابه -ديموغرافياً- في واقعه المعاصر..لم يسلم من هذه الآفة السامة وإرهاصاتها المدمرة للفكر والقيم والعقل..!! خاصة بعد حديث بعض الرياضيين العقلاء والغيورين على صحة المجتمع وسلامة بنائه الأسري.. وآخرهم قائد المنتخب السعودي -سابقاً- الخلوق (فؤاد أنور) الذي كشف مؤخراً.. قضية خطيرة في حياة نجوم الملايين وغيرهم من اللاعبين والرياضيين في مختلف الألعاب.. تتمثل في تعاطي البعض آفة المخدرات، خاصة (الحشيش)..! ويتم تعاطيه عن طريق التدخين أو غليه بنفس طريق غلي القهوة أو بلعه في صورة حبوب أو خلطة مع أصناف الطعام كالحلوى وغيرها, واستخدام بعض المنشطات وموادها المحظورة (دولياً),.. وقبل أن تتحول هذه القضية المرضية التي تستهدف عقول شباب هذا الوطن وتدميرها.. إلى ظاهرة خطيرة ربما تستفحل في نسيج مجتمعنا الكروي الذي يعتبر بيئة «خصبة» لنشر الآفات السامة والأمراض الاجتماعية.. كنتيجة حتمية لضعف المستوى التعليمي, وغياب الوعي, علاوة على القصور في الثقافة الرياضية والانضباطية لمعظم اللاعبين.. إذا لم نواجه هذه الآفة (المستوردة) ومكافحتها بالاعتراف أولاً بوجودها في وسطنا الرياضي..! والاعتراف نصف الحل..كما يقول رائد علم الإدارة الحديثة الفرنسي (هنري فايول).. والنصف الآخر النهوض بقالب التوعية بالمواد المحظورة رياضياً.. وتثقيف المجتمع الرياضي بكافة جوانب المنشطات، وأثارها على سلوك وصحة ووعي الفرد والأسرة والمجتمع بشكل عام، بمشاركة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب والمديرية العامة لمكافحة المخدرات, ومؤسسات التعليم العالي ووزارة الثقافة والإعلام من خلال عقد المؤتمرات العلمية، والندوات الأمنية، والبرامج الثقافية، وورش العمل التنويرية على مدار العام.. تتناول هذه الظاهرة الوافدة -المخدرات- ومخاطرها على البناء الاجتماعي ووظائفه, كما ينبغي تخصيص كراسي بحثية لدراسة أسباب هذه القضية الخطيرة في مجتمعنا الرياضي تحديداً, وسبل محاربتها وعلاجها في قالبها العلمي، وكذلك إنشاء لجنة للرقابة على المنشطات المحظورة رياضياً في كل ناد.. خاصة الأندية الكبيرة بهدف المحافظة على صحة اللاعبين وتوعيتهم، وحماية عقولهم وأدمغتهم من هذه المواد المحظورة وسمومها القاتلة. وأخيراً وليس آخراً دعم ميزانية (اللجنة السعودية للرقابة عن المنشطات) بمايوازي أهميتها الوقائية والعلاجية والرقابية, وتعزيز اتجاهاتها الوظيفية ومكوناتها البنائية..حتى تقوم ببرامجها الرئيسية (التوعية, الكشف, التدريب) على نحو يحد من شيوع هذه الآفة المجتمعية الخطيرة, ومكافحة فيروساتها في نسقنا الكروي, لتصبح رياضتنا لأجسام نقية وصحية ونظيفة.