تتواصل جولات سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى الدول ذات الأهمية رغبة في تجسير علاقات المملكة معها، فبعد زياراته في جولته الأولى لكل من باكستان واليابان والهند، ها هو يبدأ زيارة للصين بما لها من قوة سياسية واقتصادية ودور فاعل في مجلس الأمن. *** زيارة الأمير سلمان للصين تأتي بعد زيارتين تاريخيتين لها، الأولى لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والثانية لولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - وقد كلّلت الزيارتان بنتائج مبهرة واتفاقيات لبت رغبة الدولتين، وساعدت في بناء أوسع مجالات التعاون، مثلما أنها عمَّقت الشعور بأن هناك إمكانات وفرصاً كبيرة وخيارات أخرى لمزيد من التعاون، ستكون هذه محور مباحثات الأمير سلمان في الصين الشعبية. *** أهم ما يميز زيارة ولي العهد للصين، أن مباحثاته ستتركّز على مراجعة ما سبق أن تم الاتفاق عليه بين الدولتين، للتأكد من أنها تسير وفق الرؤية التي طرحها الملك عبد الله ثم الأمير سلطان مع الجانب الصيني الذي يحرص الأمير سلمان ليس فقط على الاطمئنان على تنفيذها دون أي عوائق، وإنما نحو تطويرها لتكون في مستوى الأهداف المرسومة لها، وصولاً إلى ما يمكن إضافته أو تعديله ليكون منسجماً مع التطورات في بعدها السياسي والاقتصادي والصناعي. *** وليس بخافٍ أهمية الصين كلاعب دولي كبير ومهم ومؤثِّر في الساحة الدولية، ما يعني أهمية التشاور والتعاون معها، ضمن الثوابت السعودية لعلاقاتها مع الدول، وفي إطار تقييم المملكة لمواقف الصين من المستجدات السياسية والأمنية في منطقتنا وحول العالم، مع احتفاظ المملكة بمواقفها المبدئية والثابتة حول شكل التعاون وحدوده وأبعاده الذي تسعى إليه مع الصين وغيرها من الدول. *** إن زيارة الأمير سلمان للصين، سوف تثير الكثير من الموضوعات عن ركائز ومقومات العلاقة السعودية - الصينية، يتبعها الكثير من الأسئلة حول توقيت الزيارة وما سيبحثه الأمير مع القادة الصينيين، نسبة لحرص المملكة على تقييم علاقات الدول الكبرى كالصين معها معتمدة على مكانتها السياسية وثقلها الاقتصادي وأهميتها الدينية، وينتظر أن تختتم الزيارة باتفاقيات جديدة، وتلاقٍ في وجهات النظر حول كثير مما تمر به دول منطقتنا العربية وبخاصة الخليجية منها من تحديات ومستجدات وعدم استقرار في بعض دولها. *** لقد جاء توقيت الزيارة، وكأنه يذكّر بدور الدولتين الكبيرتين في أهمية القيام بعمل مشترك لإطفاء الحريق في بعض دولنا، مع ضمان حق الشعوب في اختيار الأنظمة التي تدير الحكم فيها بعد سنوات من القهر والظلم التي ظلت تتعرض له لدى أنظمة فاسدة لا تعير أي حقوق لشعوبها، وهو ما يتوقّع من الأمير سلمان أن يطرحه على زعماء الصين في زيارته بأمل أن يصل معهم إلى توافق وتعاون في وجهات النظر؛ لحماية حق الشعوب المظلومة في تقرير مصيرها وتمكينها من اختيار النظام الذي يستجيب لطموحاتها ويحقق آمالها.