يوم أمس الجمعة كان اليوم الأخير الذي التقى فيه الشهران في التاريخ الهجري والميلادي بأيامهما ترتيبا.., حيث افترقا آخر لحظات يوم أمس الجمعة, و مضى كل منهما لحاله.. لا يزال الهجري لم يختم أيامه, أما الميلادي فقد قفز لشهر جديد استقبله مع فجر اليوم.. الأمر يبدو عاديا يأخذ وضعه التلقائي، وليس للناس إلا أن تنتقل بسِنة أقلامهم من رقم لآخر.., ودورة الأيام تمضي.., ليلها يسلخ منه نهارها, وشمسها لا تدرك قمرها.. «كل في فلك يسبحون»، ومعها الناس تمضي، يبرمجون حركتهم وفق توالي أعدادها, في حساب لا يضل ناموس ما خلق الخالقُ وأبدع ..سبحانه ما بلغنا من العلم إلا قليلا..... عندي، هذا الأمر يختلف كثيرا.. بإغراءات التفكر فيه..والأشواق لمزيد إيغال.. أتأمل الاختلافات في الفضاء, وأغوص في البحث الذهني أتصيد الفروقات, ما الذي يؤسس عليه في هذه الحركة اللامرئية للأيام، وأرقامها عند الإنسان, وعندي..؟، ..عددها،منازلها من الشهر، والسنة .., ما له من علاقة بالإنسان فيبني عليه مواعيد علاجه, وفواصل عمله, ولحظات رزقه, وعوائد تجاربه.., بل موقفه من الحياة الذي كلما أوغلت الشهور به في مرورها الفائقة سرعته، تحشرج صدره بفكرة النهايات، نهاية العمل، نهاية الموقف, نهاية اللقاء, نهاية المرض والصحة, نهاية القدرة والفكرة.. ونهاية العمر الكبرى..؟ مع أن كثيرا من النهايات مبهجة, منتجة, مثمرة.. إلا عند المقصر الذي يترك الزمن يمشي به، ولا يمشي هو..! أو يعطيه فلا يقتنص العطية, ولا ينتهي بثمرة..!! في النهاية الزمن محسوس لا ملموس.., مع أنه كثيرا ما يكون غير محسوس إن لم نعرضه على هذه الحسابات، وبندول الساعة، وآلية المواعيد.. والدليل أن كثيرا إن لم يكن لهم من شأن معه اختلفوا في تقديره, منهم من يستيقظ فيظن يوم السبت جمعة, وحين تسدل الستائر،ولا يرى الشمس يهيمن عليه الحس بادلهام الليل.. ذلك يفسر اللحظة الحاسمة التي يبلغ فيها الإدراك عتيا من العمر, فيذهب عن المرء وعيه بالوقت.. وباللحظة، وربما بالشعور، ومعرفة الأسماء, وما استقر يوما في الذاكرة.. أمر الحساب مثير للدهشة, بالغ عمقه في سيرورة، وميكنة عقل الإنسان، وحسه.. لذا يرى المبدعون أن العمر يُختصر في لحظة حس..., وسانحة تعبير.., فيجدونه تارة كلمحة، وتارة كمسافة..!! بينما المؤرخون يتطاولون به بتراكمية الأحداث فيه.. مع أن برمجة الشمس، والقمر, والليل،والنهار, وما ينتج عنها من هذا الحساب للأيام،والشهور, والساعات, والمواسم وحدها التي تحيِّر مدارك الإنسان المحدودة..!!.. إن الزمن شبيه، وواحد.., مختلف ومتداخل.., لا مرئي وثابت..!! وحساباته بمسمياتها تلتقي، وتختلف.. والإنسان وحده عليه اليقظة كيلا تمرق منه عقارب الساعة.., وهو «مكانك سر»..!!