اللغة العربية، لغة القرآن الكريم هي وعاء الإسلام ومستودع ثقافته وفكره وتراثه وتاريخه، فكلما تفهمنا هذه اللغة تفهمنا ديننا وفكره وتاريخه وحضارته، وكلما ابتعدنا عنها ابتعدنا عن جذورنا الثقافية وأصبحنا تابعين لا متبوعين، ولقد أصبحنا في هذا العصر نشكو من غربة اللغة والبيان العربي أمام المصطلحات الأجنبية، ويمثّل الإسلام واللغة ركنين أساسيين في تشكيل الشخصية والهوية. وتُعتبر اللغة العربية إحدى الركائز الأساسية لحياة الأمة، وهي الوعاء الذي يحوي حضارة الأمة وفكرها وعلومها، وينبغي أن تكون أداة التعبير والبيان في جميع ميادين المعرفة، إذ هي مفتاح العلوم، ولغتنا العربية هي مصدر فخرنا وموضع اعتزازنا نزل بها كتاب سماوي خالد، ووسعته لفظاً وغاية، ولقد قال الإمام الشافعي - رحمه الله - «لسان العرب أوسع الألسنة مذهباً، وأكثرها ألفاظاً، والعلم باللغة عند العرب كالعلم بالسنّة عند أهل الفقه». لغة القرآن ما أعظمها خير مذخور لدنيا ولدين وتزخر المكتبة العربية بفيض هائل، وآثار متنوعة وتراث لغوي غزير يحق لنا أن نفاخر الأمم به، فقد وهب أسلافنا - رحمهم الله - أنفسهم للغتهم وآدابها، فهي تحمل من تراث الإنسانية أعظمه وأجلّه، وهي عبر تاريخها الممتد الطويل تحمل التفوق والقدرة، ولذا ينبغي أن نحافظ على مكانتها ونرعاها حق الرعاية ونخدمها خدمة الأبناء الأبرار، وألا ندعها للتقويض والانهيار، والغزو اللغوي الشرس الذي يتسرب اليوم بشتى الأساليب، ونرى ونقرأ في بعض الأحيان من يقول: إن اللغة العربية قاصرة ولا تستوعب مسميات ألفاظ الحضارة الحديثة، ومستحدثات التقنية الجديدة، وما إلى ذلك، وما درى أولئك أنها تحوي من النصوص والقواعد والأحكام والاشتقاق والتضاد والترادف والنعت والكنايات والمجاز والقياس، وغير ذلك من الأبواب مما يجعلها قادرة على استيعاب كل جديد.. ومن يستعرض كتاب القاموس المحيط ولسان العرب وتاج العروس والمخصص لابن سيدة وغيرها من أمهات الكتب يجدها تحتوي وتشتمل على مسائل اللغة العربية وفروعها وقواعدها وخصائصها، ويدرك مدى مرونتها، وتفاعلها مع التطور والتجديد والترجمة والتعريب، وهكذا تتجلى أهمية اللغة في صنع الهوية. إنها لغة عظيمة حافلة بالماضي المتألق المفعم بالمفاخر والمآثر، وبلادنا هي منطلق اللغة، وبها نبتت وترعرعت وازدهرت، ومسؤوليتها كبيرة في الحفاظ على اللغة العربية، فهي لغة القرآن الكريم، والسنّة النبوية والتراث الإسلامي الخالد، فنحن حماتها، وأولى بإحيائها والدفاع عنها، والغيرة عليها من الأرزاء.. وحالة الاغتراب التي تعانيها اللغة العربية بين أهلها وكيفية الخروج من هذا المأزق الحضاري.. وبالله التوفيق.