تتواصل احتفالات اليسار المعارض بذكرى مرور عام على اغتيال السياسي شكري بلعيد الذي تولت تصفيته عناصر متشددة، تتم إلى اليوم ملاحقتها أمنياً. وكانت التظاهرات الاحتفالية قد انطلقت منذ مطلع الشهر الجاري، وامتدت إلى الأسبوع الحالي. وأثارت دعوة الرئيس المرزوقي للرؤساء والملوك العرب والغربيين لحضور الاحتفال بختم الدستور الجديد يوم السابع من فبراير الجاري انتقادات لاذعة من أطراف عدة، ترى أن كلفة إقامة ضيوف من أعلى طراز بالقصور الرئاسية والفنادق الفخمة مرتفعة جداً، وقد لا تقدر تونس على سدادها في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد منذ أشهر؛ وبالتالي فإن في ذلك إهداراً للمال العام. كما يتخوف البعض من عدم قدرة الإطارات المستجدة العاملة بمؤسسة الرئاسة على حسن تنظيم استقبال الضيوف والعناية بهم كما يليق، خاصة أنه كانت لهم تجربة سلبية يوم تمت دعوة نصف الأحزاب السياسية إلى حفل مماثل بقصر قرطاج احتفاء بالدستور. كما يعيب البعض من السياسيين على المرزوقي تميزه طيلة فترة حكمه بالمصاريف الكبيرة التي أثقلت كاهل الميزانية العامة للدولة، ومن ذلك أنه كثيراً ما كان يصطحب معه في زياراته التي لا يعود منها بأدنى نتيجة لتونس بعدد خيالي من المرافقين على كاهل الدولة، إلى جانب أن القيادات الحزبية كما عموم التونسيين يخشون من تكرار الزلات اللسانية للمرزوقي التي كانت السبب في تعكر علاقات تونس مع بعض الدول الشقيقة والصديقة التي بإمكانها دعم البلاد وإنعاش الاقتصاد. وفي سياق غير متصل، باتت الجبهة الدستورية التي تتكون من أحزاب ذات مرجعية دستورية، نسبة إلى الحزب الدستوري الديمقراطي حزب الرئيس الحبيب بورقيبة، التي تضم شخصيات تجمعية، عملت مع النظام السابق، أكثر حضوراً في الساحة السياسية بعد إسقاط مشروع قانون تحصين الثورة، الذي كان يتهددهم بإقصائهم من المشهد السياسي لأكثر من خمس سنوات. يُذكر أن مشروع القانون كان قد أثار جدلاً كبيراً بين المناضلين التجمعيين من جهة ومناضلي ما بعد الرابع عشر من يناير 2011، بسبب تمسك أحزاب سياسية متضررة من النظام السابق بوجوب محاسبة «أزلام العهد السابق» وإقصائهم من الحياة السياسية، إلا أن الصفقة التي عقدها الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة والباجي قائد السبسي زعيم نداء تونس، الذي عمل مع ابن علي في بدايات حكمه، دفعت النهضة إلى التغاضي عن مطالبتها بالمصادقة على إصدار قانون التحصين السياسي؛ ما فتح المجال أمام عدد من الدساترة القدامى لمعاودة الظهور وتشكيل أحزاب جديدة، ومن ثمة السعي إلى التموقع في الخارطة السياسية الجديدة عبر لم شتات الدساترة والتجمعيين ممن لم تتعلق بهم قضايا عدلية. وكانت ما يسمى ب«تنسيقية الوحدة الدستورية» قد عقدت أمس الأول اجتماعاً بحضور ممثلين عن كل جهات الجمهورية للبحث في تكوين لجنة ستعمل في الأسابيع القليلة القادمة على الاتصال بالأحزاب الدستورية من أجل حثها على الوحدة والانصهار في حزب واحد قبل الانتخابات المقبلة. واعتبر المنسق العام للجبهة الدستورية طارق بن مبارك الدستوريين ساهموا في بناء دولة الاستقلال، وقدّموا شهداء، مشدداً على أن هذا يضمن حقهم في أن تكون لهم مكانة في الحياة السياسية. وأضاف ابن مبارك بأن الدستوريين مرّوا بظروف صعبة، وتصدّوا لمحاولات إقصائهم من الحياة السياسية، مشيراً إلى أن الأهداف الرئيسية من هذا الاجتماع هي رصّ الصفوف والوحدة وانصهار الأحزاب الدستورية في حزب واحد.