ينتهج أحد كبار مدربي كرة السلة نظاماً جميلاً في تدريب اللاعبين على إتقان رمي الكرة في السلة، وهي مهارة تحتاج لجهد وتركيز كبيرين، فعندما لا يصيب اللاعب السلة لا تجد المدرب يصرخ عليه أو ينال منه أو يطرده من الصالة، بل يوجهه قائلاً له: الكرة التالية .. وهو بهذا يحيي الأمل في روحه متفهماً أنّ الخطأ ممكن وعدم الإتقان في البدايات وارد. وقرأت ذات يوم مقولة جميلة: LIFE HAS NO CTTL+Z وزر CTTL+Z فائدته إعادة ما تم حذفه من جهاز الحاسب... وأمثال ها الزر لا يتوفر في الحياة، ولو كنا نملك أن نمد أيادينا للماضي الأليم فنغير في تفاصيله ونغير ما ساءنا ونفعل ما رأيناه الآن صواباً ؛ لكانت العودة للماضي مطلوبة ولهرعنا جميعاً نحو ماضينا نمحو ما ندمنا عليه ونزيد غلّتنا مما قلّت أنصبتنا منه ونفعل ما هو صحيح! إنّ الكثير من البشر يتعامل مع الحياة كما لو كانت محدودة الفرص شحيحة العطاء، آمنوا بأنّ الحياة لا تعطي وأنّ الفشل لا يجب أن يكون في الحياة، وهذا ما جعلهم في مؤخرة الركب، وصدق الرافعي عندما قال: أشد سجون الحياة منعة؛ فكرة بائسة يسجن الإنسان منا نفسه فيها! ويعجبني كثيراً فكرة جيه هاملتون في سبب تزايد نسب الطلاق والانتحار والإدمان على أنّ الكثير من الناس تدرّبوا على النجاح ولم يتدربوا على الفشل! ولست أروّج هنا للوقوع في الأخطاء أو تكرارها، ولكن أدعو للتعامل مع الحياة بفهم عميق لطبيعتها وطبيعة البشر، فكل ابن خطّاء كما أخبر بذلك الحبيب اللهم صلِّ وسلِّم عليه، وليس بالضرورة ان تخطئ حتى تنال الصواب فاستنصاح، الحكماء والتعلّم من تجارب الآخرين والاتعاظ بهم، وسيلة ميسّرة لتجاوز الأخطاء. إنّ الشخصيات الناضجة الناجحة التي تفيض روحة تفاؤلاً وثقة لا تجد كلمة (لا أمل) في قاموسها، البعض بمجرّد تجربة واحدة يتوقف شاكياً باكياً نائحاً يلعن الظروف ويندب الحظ وربما بالغ في معرض تبريره، فتجده يقول حاولت مائة مرة وهي لم تتعد محاولة واحده فعلياً أو ربما كانت أكثر من محاولة ولكن بنفس الأسلوب! ذات يوم أوصى والد ابنه بعد محاولة لم تنجح بقوله: حاول .. ثم حاول .. ثم حاول ..... واحسب أنها عبارة تحتاج لإعادة صياغة إلى: (إذا أخفقت فتوقف وتأمل ثم حاول)... لأنّ المحاولة بنفس الوسيلة ستعطي نفس النتيجة! وللسياسي البريطاني تشرشل تعريف جميل للنجاح فيقول: النجاح هو قدرتك على الانتقال من فشل لفشل دون أن تفقد حماسك ! والتجربة كما في قانون فيرنون سوندز معلم قاس؛ لأنها تعطيك الامتحان أولاً، ثم تلقّنك الدرس. * فعندما تخسر في تجارة فحاول ثانية * وعندما لا تكتمل تجربة زواج فدونك الفرصة التالية * وعندما لا ينجح الرجيم الأول فعليك بالثاني * سؤال لم يتسنّ لك الإجابة عليه.. عليك بالسؤال الثاني * موقف لم تحسن الرد فيه... فهناك موقف آخر شبيه ينتظرك تذكر أنه لا نجاح بلا فشل فالإخفاق هو جواز سفرك للنجاح وجناح يطير بك نحو القمم، وتأكد أنك حينما تسمح لنفسك بالفشل فإنك في نفس الوقت تسمح لها بالتفوق، ولو لم يكن هناك أخطاء في الحياة فلن يكون لديك ما تفعله كما يقول الأديب برنارد شو، تابع سير الناجحين واقرأ عن البارزين وعن من خلّدهم التاريخ، لن تجد أحداً منهم قد وفق من أول تجربة أو نجح من المحاولة الأولى، والشخص الوحيد الذي لن يقع في الخطأ هو الشخص الذي لا يعمل، فكونك فعالاً إيجابياً مجتهداً جزماً ستخطئ، وتذكّر حينها أن ما يحدث لك ليس هو المهم وإنما ما يحدث بك! عندما تخطئ تذكّر: 1 - أنها تجربة لم تكتمل لأمر قدره الله، فعمرك لم ينقض فلا زلت حياً تتنفس ولازال في الأمر متسع. 2 - لا تخلط بين الفشلين ؛ ففشل تجربة (ما) لا يجعل منك إنساناً فاشلاً وقل لنفسك : لست فاشلاً؛ فقط أخفقت. 3 - تحمل مسؤولية حياتك ولا تلم أحداً ولا تلق بأخطائك على الآخرين. 4 - تناس التجربة القديمة ولا تجعل منها وصمة عار فتجلد نفسك أو تعيرها بعدم النجاح، فالخبرات التي مررت بها مكسب كبير فأنت خير من غيرك ويكفيك شرف المحاولة! 5 - الفشل لا يعني أنك شخص لا تستطيع النجاح في المهمة، بل يعني أنك لم تستعن بالوسائل المناسبة وفرق بين الفشل في اختيار الهدف والفشل في اختيار الوسيلة المناسبة. والسؤال الهام ماذا نفعل عندما نخطئ.. دونك جملة من الأسئلة ستجعل من الإخفاق معلماً عظيماً: 1 - ما هي الأسباب التي أدت للإخفاق؟ ثم اعمل بعد ذلك على تجنبها. 2 - كيف سأنجح في المرة القادمة؟ ودوّن كل ما يخطر في بالك ثم انتق منه. في رائعة البؤساء يقول أحد أبطالها (جان فالجين) لا يهم أن تموت ولكنه شيء مفجع ألاّ تحيا أبداً! عليك يا بطل أن تختار : هل ستقضي بقية حياتك كسيراً حسيراً نتيجة تجربة لم تكتمل؟ أم ستستيقظ مؤمناً بأنّ الفشل هو الثمن الذي يجب تدفعه للنجاح! قم وانهض يا عظيم ولا تتلفّع بخمار اليأس ولا تردي عباءة الإحباط انهض وتحرك فدونك الكرة التالية! ومضة قلم: العديد من الفاشلين هم أناس لم يدركوا كم كانوا قريبين من النجاح حين استسلموا.