في مجلس معالي الأستاذ/ تركي الخالد السديري فاجأني أحد المتحدثين عن تجربة خاصة، ولكنها عامة في نفس الوقت وربما طريقته في عرض معاناته على الحاضرين هي التي لفتت انتباهي. لأنه حين كان يتحدث عن تجربته في سجون الطاغية (الأسد ونظامه) كان صوته يعلو ثم ينخفض متأثراً بما تذكر على مدى عشرين عاما من رحلة السجن والتعذيب المريرة. حسن بن حمد الطحان رسخ تجربتة في كتاب (رحلة في سجون الطاغية). وصاحب التجربة الأليمة في سجون نظام بشار الطاغية حيث شرح في كتابه بالتفصيل معاناته وكيف يعذب في تلك السجون المريرة التي تنقل فيها من منطقة إلى أخرى. الشيخ الطحان بهذا الكتاب أصبح شاهداً على العصر، فقد ذكر في كتابه بأن أبناء الطائفة العلوية أيضاً ذاقوا مرار النظام وسطوته ورزحوا تحت بطشه فمنهم من مات في السجن ومنهم من قتل مثل (صلاح جديد) و(محمد عمران) رئيس أركان الجيش السوري الذي اغتيل في لبنان. في بداية الكتاب تحدث الطحان عن كيفية اعتقاله والسبب وبالتفصيل وبسرد متواصل متناغم فقد حاول الكاتب أن يعطي للقارئ أرضية قبل أن يبدأ في فصول الكتاب التي سماها محطات. المحطة الأولى: كانت جديدة في كفر سوسه. والمحطة الثانية كانت عام 1987م لينتقل بالقطار إلى سجن المزة العسكري حيث صادفهم شاب لبناني مسيحي وهمس قائلاً: (لا تتكلموا مع أحد حول قضيتكم وانتبهوا لأنفسكم). المحطة الثالثة: سجن تدمر العسكري، في هذه المحطة المشهد مؤلم جدا حيث نقلوهم بسيارة هذه المرة من سجن المزة إلى سجن تدمر فقد وضعوهم في دولاب سيارة كبيرة وهم عرايا مقيدين بالسلاسل ثم انهالت عليهم السياط حتى أوصلوهم إلى مهاجعهم. بقي في الكتاب محطات كثيرة لم أتحدث عها ولكن سأصل بكم إلى الخاتمة الذي تحدث فيها الطحان عن مسيرة الألم والجراح التي تحولت إلى كوابيس تلازمه أينما حل ورحل. وستحس بأنين المؤلف في الخاتمه بقوله: (إن تلك المآسي التي كوينا بسمها وتمرغنا في ذلها تشير إلى سخرية الحياة أحيانا التي تعد مكانا صالحا في سوريا). عندما تسمع ذلك الأنين من فم الطحان نفسه ستختلف استيعابك لما تقرأه وستحس عزيزي القارئ أنك عايش اللحظة نفسها، وهذا ماحصل معي تماما فقد كنت منصتا له حتى وصل كلامه إلى سويداء قلبي وبدأت أربط ما أسمعه عن تلك المناظر التي ننظر إليها بشكل يومي في القنوات الفضائية وعلى الشبكة العنكبوتيه (الإنترنت) وما يفعله نظام الأسد بشعبه.