تسبب الإعصار ساندي، الذي انقضّ على شمال شرق الولاياتالمتحدة في تشرين الأول (أكتوبر) 2012، بأضرار تقدّر بنحو 68 مليار دولار. وبعد سنة، عاثت أقوى عاصفة في التاريخ الخراب في الفلبين. ومع تحوّل هاتين الحادثتين الخارجتين عن المألوف إلى أحداث أكثر شيوعاً، باتت الشركات تعرف ما يجب أن تستعدّ له في المناطق المعرّضة للمخاطر. ولكن الخطوات المطلوبة من الشركات لتبني مؤسسات قابلة للتعافي ومستعدة لمواجهة ظروف مناخية قاسية وغيرها من تأثيرات التبدّل المناخي؟ ثمّة خيار لا يلقى دعماً كافياً، يقضي باستخدام الطبيعة لحماية شواطئنا وأصولنا المادّية– أي بمعنى آخر الاستثمار في مايُعرَف بالبنية التحتية الخضراء، وهي عبارة أُطلِقت لتفرقتها عن المشاريع التقليدية «الرماديّة»، أي حلول البنية التحتية التي صنعها الإنسان (على غرار السدود والجسور وأنظمة معالجة المياه) التي نبنيها لتبريد المياه، أو تنقيتها، أو لحماية مبانينا وأصولنا ضد العوامل الطبيعية. ويوفر عالمنا الطبيعي منذ الأساس خدمات قيّمة جدّاً، تسمح بضمان استمراريّة اقتصادنا ومجتمعنا. ومن أكثر الأمور تجلياً كون الأرض تمنحنا الأطعمة، والعناصر المعدنية، والمعادن، في حين أنّ الغابات توفّر لنا الخشب والأوكسجين. ولكن ثمّة منافع لا تتجلّى للعيان بالطريقة ذاتها، إن تنبّهنا أنّ الغابات تسمح بتنظيف مياهنا، وأنّ مستنقعاتنا الساحلية وأحيادنا تمنحنا حماية طبيعية ضد العواصف والفيضانات، وتساعدنا على التحكّم بالأمطار وبمياه الصرف. والملفت أنّ هذه الخدمات، التي لا يقيّمها السوق في الوقت الحالي، تسمح بحماية الناس والأصول التجارية والسكنية على حد سواء. وبالتالي، قد تسعى مدينة أو شركة راغبة في الحفاظ على إمدادات مياهها مثلاً للاستثمار في حماية الأراضي وترميمها، بدلاً من بناء معمل لمعالجة المياه (وهذا ما فعلته مدينة نيويورك بالتحديد عندما اشترت أرضاً في جبال كاتسكيل في العام 1997 – في مبادرة سمحت بتجنّب تكاليف بقيمة 8 مليارات دولار، كانت مُعدّة لإنشاء مرفق جديد لتنقية المياه، وبادخار تكاليف عمليات وصيانة تتراوح بين 200 و300 مليون دولار). ولكن هل تكون مقاربة خضراء كهذه في مجال البنية التحتية بالفعالية ذاتها بشكل عام؟ وهل هي تنافسية من حيث التكلفة؟ يؤكد بحث صدر مؤخراً عن شركات «شل»، و»داو»، و»سويس ري»، و»يونيليفر»، و»ذي نيتشر كونسيرفاسي» أن مقاربة من هذا القبيل فعّالة في الكثير من الأحيان. وعمدت الدراسة، من خلال تحليلها للتكاليف والمنافع المعيارية، إلى مقارنة بعض الحلول الطبيعية باستثمارات أكثر تقليديّةً في مجال البنية التحتية. وفي جميع المشاريع المؤسسية التي تم إنجازها، فاز الخيار الأخضر في مواجهة التكاليف الرأسمالية والتشغيلية. والملفت أنّ الشركات الواردة في التقرير استنتجت بصورة جماعية أن حلول البنية التحتية الخضراء يجب أن تصبح جزءاً كبيراً من مجموعة الأدوات المعيارية التي يستعملها المهندس: «من شأن إدراج الطبيعة في البنية التحتية التي يصنعها الإنسان تحسين قدرة الشركات على التعافي – وأن يتأتى عن ذلك المزيد من المنافع الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية،والسياسية». ويوفّر التقرير أيضاً مجموعة جديدة من مقاييس الأداء التي يمكن أن يستعملها المدراء لتقييم خيارات البنية التحتية الخضراء و»الرماديّة» والمقارنة بينهما. ومع ازدياد الأضرار والتكاليف المتأتية عن الظروف المناخية القاسية، وغيرها من مصادر الخلل، بات الاستثمار في القدرة على التعافي صفقة تدرّ المزيد من الأرباح. ومن شأن الطبيعة أن توفّر عدداً كبيراً من الحلول التي نحتاج إليها لادخار المال وحماية أصولنا على حد سواء. وبالتالي، حريّ بنا أن نستثمر أموالنافي البنية التحتية الخضراء، وستثبت الحسابات على الأرجح أن الخيارات الخضراء هي أفضل الاستثمارات.