لا يختلف اثنان في أهمية القنوات الفضائية في بث البرامج الدينية والرياضية والبرامج الهادفة التي تنير وتُثقّف المشاهد حيث يكون. لكن بعض تلك الفضائيات تبث السموم ليل نهار مما يؤدي للفساد الاجتماعي والدمار. بعض القنوات الفضائية لا تراعي مُطلقا المشاهد بكل الفئات العمرية واختلاف الجنس، حين تبث مشاهد الدمار والخراب والقتلى والدماء دون أن تُخفي تلك المناظر المؤذية والتي لها رد فعل نفسي كبير. ألا يدركون ذلك ؟ أم يدركون لكنهم لا يحركون ساكنا. هنا يطُرح السؤال عن مدى وعي تلك القنوات بالرد السلبي لما تبثه على المشاهدين. خلال متابعتي لبعض القنوات العربية الفضائية التي تبث باللغة الإنجليزية وجدت ازدواجية بث نفس الخبر هنا وهناك. هنا منظر أشلاء القتلى والدماء وهناك إخفاء وتضليل تلك المناظر المؤذية. لماذا هذه الازدواجية؟. هل المشاهد العربي هنا يختلف عن المشاهد الأجنبي هناك؟ أم هي أنظمة وتشريعات تلك الدول واحترامها لمشاهدها وخوفاً على نفسيته؟ أم خلل في إدارة تلك القنوات الفضائية وعدم وجود تشريعات وأنظمة أم ماذا ؟ الأطفال وكِبار السن وأصحاب القلوب الضعيفة أصبحت مشاهد القتلى والأشلاء رعبا يدب في أوصالهم وما أكثرها في مجتمعنا العربي في الوقت الحاضر. لماذا هذا التّميّز بين أطفالنا في العالم العربي وأطفالهم هناك؟ لماذا لا تعرض تلك المشاهد هناك وتعرض هنا بكل أريحية؟. ترى هل المسؤولية الأخلاقية والقانونية للقنوات الفضائية العربية غائبة أم مغيبة؟ بالعكس ففي أحيان كثيرة الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية تراعي مشاعر المشاهد العربي ولا تبث المشاهد الدموية وصور القتلى ونزيف الدم لماذا؟ هل هي من إدارة تلك القناة الفضائية أم أنه أرث مهني واجتماعي؟. أجزم أنّ هناك ضررا نفسيا للصور المرعبة أو الصورة البشعة المؤذية للعين والمشاعر. ماذا عن الجيل القادم، الجيل الذي تعوّد على مناظر القتل والأشلاء والدم ، إنني مُتخوّف من هذا الجيل، متخوف أن يعتبر ما يراه جزءا من حياتنا وجزءا من بيئتنا، والخوف من أنْ يمارس من يشاهده في محيطة ولا يُحرّك مشاعره. الطبيب الجرّاح في المستشفى تعوّد على منظر الدم وربما رائحة الموت ولمْ يعدْ يخف أو تثور مشاعره نحو المريض الذي بين يديه، فهذا جزء من عمله الذي يقوم به، من ناحية أخرى هناك أطفال لم يعودوا يهتموا لمنظر الدم أو أشلاء البشر وذلك بسبب تكرار تلك المناظر في القنوات الفضائية بعيداً عن رقابة الأهل. أخيرا.. لماذا تختفي معايير البث هنا في القنوات العربية وهناك في غير العربية؟ ولماذا تتلون المشاعر هنا وهناك؟ ألسنا جميعا نعيش على سطح كرة أرضية واحدة؟ أم أطفالنا وأصحاب المشاعر المرهفة في عالمنا يختلفون عن عالمهم؟. همسة في أذن الآباء والأمهات وأصحاب المشاعر الإنسانية المرهفة: ابتعدوا عن القنوات الفضائية العربية التي لا تراعي الحس الإنساني.