يُخطئ من يُبرِّرْ ردَّة فعل الآخرين السلبية ممَّا يتعرّضون أو قد تعرّضوا له، بذريعة أن السيئ من الناس كبذيء اللسان وقليل الأدب والوقح أو من في قلبه غل وحقد وحسد وضغينة في بعض وسائل التواصل الاجتماعي، كل هذه أسباب تستوجب (معالجة الخطأ بمثله)، فبعض التجاوزات (بالرِّيش وليست بالعظم)، وإذا بدرت من تافه لا يستوجب الأمر (إن الواحد يجي كلّه)، فالنظام كفيل بتربية (اللي ما ربوه أهله وما ربّى نفسه)، وهذا ما دار مؤخراً في أحد الصالونات الأدبية بعد أن ابدى بعض الحضور من الشعراء والمثقفين والمهتمين بالشأن الأدبي عتبهم على أحد الشعراء الموجودين الذي أخذ من مطيّة الهجاء المقيت مُبرّراً للدفاع عن نفسه - حسب تبريره أمام الحضور - وكان الأولى به اتباع ما امر الله تعالى به {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (199 سورة الأعراف)، أي لا تقابل السفهاء والجهلاء بمثل سفههم وجهلهم، بل بالحلم والصفح عنهم، والإعراض عنهم، فإن في الإعراض عن السفيه، إخماداً لشرِّه، وإذهاباً لِلَهيب جهله - رياض الصالحين - قال الشافعي: قالوا سَكتَّ وقد خُوصِمْتَ قلت لهم إن الجوابَ لباب الشّرِّ مفتاحُ فالعفو عن جَاهِل بل أحْمقٍ أدبٌ نَعَمْ، وفيه لصون العرض إصلاح وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» متفق عليه. ويقول الشيخ راكان بن حثلين: الذم ما يهفي للأجواد ميزان والمدح ما يرفع ردي المشاحي ويقول الشاعر محمد العبد الله القاضي: الصبر محمود العواقب فعاله والعقل أشرف ما تحلَّى به الحال والصمت به سر السعد من يناله والهذر به شرٍ وشومٍ وغربال ولا خير في من لا يصدّق مقاله بفعلٍ بحالاتٍ قصيرات وطوال فالبلّ معلومٍ بالايدي قفاله والخيل تزلج بالشبيلي والأقفال ثم إن من يتجاوز على الآخرين يفضح نفسه ويكشف عن تفاهته وجهله، وهو عادة يكون (أجبن الناس عند المواجهة بأنواعها ولا شماتة)، وكان الأجدر به (أن يُكفي الناس مؤونة وضعه في المكانة المتدنية التي تليق به)، لأن صمتهم ترفّع عنه ورأفة بضعفه، وحتى الأطراف الأخرى - غير ذات الصلة - تحتقر الحقير بالصمت الراقي عن سلبياته التي لا تُحصى وليس كما يتوهّم المتجاوز ان اساءت مداركه المعرفية المتدنية تفسير مقولة: (السكوت يعني الرضا Silence gives Concent). وقفة للشاعر سعد بن صبيح العجمي - رحمه الله -: لولاي أخلِّي كل وادي ومجراه ما صار لي عند النشامى شبوحي لا شفت خبلٍ يدبل الكبد بحكاه صدّيت عنه وقلت أنا أبخص بروحي