طلب وزير العمل في لقائه مع رؤساء لجان بمجلس الغرف التجارية أن يتوقفوا عن الشكاوى والاعتراضات على قرارات وزارة العمل بحسب ما نُشر بالصحف، وأن يتجه رجال الأعمال إلى تدريب وتوظيف المواطنين ومعترفاً بذات الوقت أن هناك نسبة من الصحة في ما يدور حول ضعف انضباطية الشباب السعودي بالوظائف التي يتعينون عليها ولكن لا مجال إلا لتوظيفهم مع البحث عن الحلول لمعالجة هذا الوضع من عدم الانضباط، معتبراً أن الفجوة التي خلفتها عمليات تصحيح وضع العمالة يجب أن تسد بالتوطين. وبداية لا بد من النظر إلى حديث معالي وزير العمل بكثير من الجدية من قِبل القطاع الخاص حول التوجهات الحالية والمستقبلية لخطط الوزارة القائمة على تطبيق وتنفيذ برامجها المعلنة لتصحيح أوضاع سوق العمل وسياسة التوطين المعتمدة حالياً وما يندرج تحتها من برامج، وأن أسلوب الشكاوى والاعتراضات لن يجدي إطلاقاً وأن ما يُقرر رسمياً ستنفذه الوزارة دون الالتفات إلى اعتراض، مما يعني ضرورة التكيف مع الأنظمة والبرامج واللوائح المعتمدة من قِبل الوزارة حتى يتمكن القطاع الخاص من الحصول على خدمات وزارة العمل ولا تتوقف معاملاتهم لدى الوزارة. لكن، هل يصح طلب عدم الاعتراض أو الشكاوى ضد قرارات الوزارة، فالأنظمة لا تمنع أحداً من تقديم شكوى أو اعتراض سواء من المواطن أو المنشآت ضد أي جهة تتخذ قرارات نسبة ضررها ظاهرة ومؤثرة، ومن المعروف أيضاً أن القرار الجيد هو الذي يقلل من السلبيات إذ لا يوجد إيجابية مطلقة والعكس صحيح، وإذا كنا سنعتبر أن الطلب هو ليس بمنع الاعتراض بقدر ما هو التعايش مع القرارات المتخذة، فهل أُخذ بعين الاعتبار قياس حجم الضرر على سوق العمل، وأشرك القطاع الخاص أو اطلع على أي قرار قبل اتخاذه من قبل الوزارة. وهل من المنطق أن تغير الوزارة إستراتيجية التوظيف المعتمدة سابقاً ولا ترى أن ذلك له تأثير على القطاع الخاص الذي تماشى مع الأنظمة السابقة، ثم يطلب منه أن يتحول لتطبيق أنظمة مختلفة خلال مدة زمنية قصيرة مع الأخذ بعين الاعتبار أن القطاع الخاص بعض وحداته لعبت دوراً سلبياً بعدم تنفيذها للقرارات السابقة وقد تكون من أسباب التغييرات الجذرية بسياسات وزارة العمل وبرامجها ولكن يبقى التغيير الكبير بالأنظمة واللوائح بفترات قصيرة أيضاً سلبياً ويكون أقرب لسياسات التجريب التي لا تعطي استقراراً بسوق العمل، وما لذلك من تأثير على القطاع الخاص وأعماله سلباً. وإذا كانت الوزارة فتحت باباً للتواصل مع القطاع الخاص والمواطنين قبل أيام لإبداء الرأي والمشاركة بصنع القرارات ووضع الحلول للمشاكل عامة، فلماذا لم تبدأ بهذه الخطوة قبل سنوات عندما بدأت بأكبر عملية تنظيم لأوضاع سوق العمل، خصوصاً أن حديث الوزير تضمن اعترافاً بنقطتين: وجود عدم انضباطية لدى بعض الشباب السعودي بالعمل، وكذلك الفجوة التي تركها ترحيل أكثر من مليون وافد من مخالفي أنظمة الإقامة، فكان من الأجدى البدء بالتواصل مع الأطراف ذات العلاقة بكل مرحلة سابقة حتى لا تتفاقم المشكلة ويتعاظم حجم الحلول المطلوبة لها. إن اختلالات سوق العمل المتراكمة من سنوات طويلة أدت للبطالة التي تصل إلى أكثر من 11 بالمائة حالياً بين الشباب السعودي، وأفرزت حجم مخالفات بين العمالة الوافدة ظهرت ضخامته بحملة التصحيح لأوضاعهم مؤخراً، لكن من يتحمّل مسئولية ذلك؟.. كل الأطراف سواء الجهات الرسمية المختصة وعلى رأسها وزارة العمل وأيضاً القطاع الخاص على حد سواء، ولذلك فإن الحلول يجب أن تكون بالشراكة والتعاون والالتزام بما يقر من أنظمة بعد استكمال طرق التعاون بوضعها بين وزارة العمل وممثلي القطاع الخاص حتى لا يكون للاعتراض أو الشكاوى أي مبرر. فتوظيف المواطن مسئولية الجميع وهو واجب أقره النظام وألزم جميع الجهات المختصة ذات العلاقة بالعمل على تنفيذه كجزء أساس من خطط التنمية والمعالجة لأي عوائق هي لزيادة نسبة التوظيف ولتحويل مسار القطاع الخاص للبحث عن احتياجاته للكوادر البشرية من الداخل قولاً وعملاً مع مراعاة من قِبل وزارة العمل لشريحة المهن التي يمكن توفيرها من العمالة الوطنية واستبعاد تلك التي لا يوجد عليها إقبال لضعف متطلباتها ودخلها من حسابات الوزارة في نسب التوطين والتركيز على رفع نسبة توظيف السعوديين بما يلبي طموحاتهم ويتوافق مع إمكانياتهم ويحقق لهم دخلاً مجزياً حتى لا تتداخل آثار خطط الوزارة بين توظيف المواطنين والتأثير على سير أعمال القطاع الخاص الذي ما زال إحجام العمالة متدنية الدخل والمتطلبات تشكّل نسباً عظمى من موظفيه.