يحزنني منظر أطفال المدارس وهم يغادرون منازلهم بعد الفجر مباشرة في شهور الشتاء الباردة. هؤلاء الأطفال الصغار يخرجون في الظلام وفي البرد القارس وهم نصف نيام! وقد يختلف الأمر من منطقة إلى أخرى بحسب الموقع الجغرافي وطبيعة طقس المنطقة، ولكن في المجمل يعاني أطفال المدارس من صعوباتٍ يمكن التغلُّب عليها باستخدام توقيت شتائي يختلف عن التوقيت الصيفي. ومن المعروف أنّ معظم دول العالم المتقدم وبعض الدول العربية، وخاصة الدول التي لا تقع في المناطق الاستوائية تستخدم توقيتين مختلفين خلال شهور العام، وذلك مراعاةً منها لمواعيد شروق الشمس وغروبها وتحقيق أكبر استفادة من الأوقات المشرقة، وتفادي السلبيات التي تحدث، بسبب بدء ساعات العمل في الأوقات المظلمة في فصل الشتاء. صحيح أنّ إدخال نظام التوقيت المختلف عن التوقيت القياسي الرسمي، كان دائماً محل جدل وخلاف بين الفئات المختلفة في المجتمع، ولكن في النهاية تم ترجيح المصلحة العامة. ولهذا بادرت ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى إلى تطبيق هذا النظام لتوفير الطاقة وتبعتها العديد من الدول بالتدريج، حتى أصبح استخدام توقيتين مختلفين خلال فصول السنة أمراً شائعاً وغالباً في معظم بلدان العالم المتقدم. لا أدري إن كان قد تم دراسة مدى الفائدة من تطبيق توقيت متفاوت خلال فصول السنة في المملكة، ولاشك أنّ هناك جهات قادرة على دراسة مثل هذا الموضوع مثل مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية والكليات المتخصصة في جامعاتنا السعودية ومراكز البحوث في تلك الجامعات. ولكن قياساً على التجارب العالمية، يبدو أنّ تطبيق التوقيت المتغيّر خلال السنة قد يحقق مصلحة عامة، لعل في مقدمتها التيسير على طلبة المدارس الذين يعانون كثيراً خلال فصل الشتاء. ولا نحتاج إلى القول إنّ تطبيق نظامين مختلفين للتوقيت خلال فصول السنة ينطوي على بعض السلبيات، فهذه السلبيات موجودة ومعروفة لكن المهم هو مقارنة السلبيات بالإيجابيات. فإذا كانت الإيجابيات تفوق السلبيات يكون هذا سبباً كافياً لِتَبَنِّي نظام توقيت شتائي مختلف عن التوقيت الصيفي بدلاً من نظام التوقيت الواحد على امتداد فصول السنة. في مدينة الرياض، على سبيل المثال، يكون شروق الشمس في بعض أيام شهر يناير (فصل الشتاء) الساعة السادسة وتسعاً وثلاثين دقيقة، بينما يكون الشروق في بعض أيام شهر يونيو (فصل الصيف) الساعة الخامسة وثلاث دقائق. ولذلك من الطبيعي ألا تبدأ أوقات الدوام بنفس التوقيت وهو ما لا يحدث الآن، لكن الأمر كما قلت يحتاج إلى الدراسة من الجهات ذات الاختصاص.