دبي المدهشة تواصل مفاجآتها فتقدم كل يوم مبادرة جديدة تكون هي حديث الناس في كل مكان بالعالم! آخر مفاجآتها هي المبادرة التي قام بها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس وزراء الدولة. وقد استمتعت بقراءة تفاصيل هذه المبادرة من صحف الإمارات الصادرة الأسبوع الماضي عندما كنت في دبي مع الزملاء في «الجزيرة» وذلك في إطار مبادرة أخرى رائعة قامت بها «الجزيرة» للاحتفاء بنجاحاتها الإدارية والتسويقية والتحريرية. تتمثل مبادرة الشيخ محمد بن راشد بدعوة شعب الإمارات إلى أكبر عملية «عصف ذهني» في العالم لتطوير قطاعي الصحة والتعليم في البلاد من أجل توليد أفكار جديدة خلاقة وحلول إبداعية للمشكلات والمعوقات التي يعاني منها القطاعان، يعقبها «خلوة وزارية» لمناقشة تلك الأفكار وهي الخلوة التي قال عنها الشيخ محمد: «وضعنا أجندة الخلوة ومحاورها بناءً على أفكار شعب الإمارات». وكتكريس لمبدأ المشاركة الشاملة وجه الشيخ محمد باستضافة طالبة من ذوي الاحتياجات الخاصة بالخلوة الوزارية، كما وجه بإشراك ممثلين عن الميدان من المعلمين والأطباء ومديري المدارس والطلاب وأولياء الأمور. ولن تستفيد إمارة دبي وحدها من هذه الأفكار بل ستكون لتطوير قطاعي الصحة والتعليم في جميع إمارات الدولة. وقد بدأت الأفكار تتوالد وذلك عبر وسم (#العصف_الذهني_الإماراتي) في موقع التواصل الاجتماعي تويتر بمشاركة الإماراتيين والمقيمين في دولة الإمارات. وأثناء كتابة هذا المقال غرَّد الشيخ محمد من خلال حسابه في تويتر متوجهاً للجميع:»أشكر تفاعل الجميع مع #العصف_الذهني_الإماراتي لتطوير قطاعي الصحة والتعليم. وصلنا حتى الآن أكثر من 50 ألف فكرة». وقال الشيخ محمد: إنه سيستمر في استقبال الأفكار والمقترحات حتى هذا اليوم (الاثنين التاسع من ديسمبر)، واعتبر أن التفاعل الإيجابي مع حملة العصف الذهني يُحَمِّل جميع الوزراء مسؤولية إضافية. عندما تستعرض وسم الحملة على تويتر تجد أفكاراً مدهشة يقدمها أناس عاديون لتطوير قطاعي التعليم والصحة. هذه الأفكار تأتي من صميم معاناة الناس ومن تجاربهم الخاصة وليست أفكاراً تنظيرية تقدمها الشركات الاستشارية الأجنبية أو يقدمها أكاديميون متقوقعون في أبراج عاجية بعيدة عن نبض الحياة اليومية لرجل الشارع. لقد استطاعت دولة الإمارات بشكل عام، وإمارة دبي بشكل خاص، تقديم نموذج تنموي يكاد يكون فريداً من نوعه. وحتى مع الملاحظات التي تبرز من هنا أو هناك حول بعض جوانب هذا النموذج، يظل النموذج الإماراتي مثالاً للنجاح والإبداع الخلاق. ومن المؤكد أن هذا التأكيد الجديد على قطاعي التعليم والصحة من خلال عملية العصف الذهني الكبرى يدل على رغبة دولة الإمارات في المضي قدماً في الاستثمار في رأس المال البشري بعد أن حققت نجاحاتها الكبرى في التنمية المادية والإدارية. تظل دبي في المقدمة، وتستمر في إدهاشنا، وقد أصبحت «واحة» يهرب إليها الجميع لالتقاط الأنفاس والتأمل.